جرس الإنذار يدق في العراق مرة أخرى، لكن هذه المرة ليس بسبب أزمة المياه المتفاقمة بل بسبب أزمة النفط العالمية التي تضرب اقتصاد البلاد.
فالعراق يعتمد بشكل شبه كلي على إيرادات النفط في إدارة سياساته المالية الخارجية وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فسيجد نفسه أمام أزمة لا تحمد عقباها، إذن، كيف يستطيع العراق الخروج من تلك الأزمة؟ وهل بإمكان العراق أن يستغل تلك الأزمة لصالحه؟
أهمية النفط للاقتصاد العراقي
النفط يعتبر هو عصب الاقتصاد العراقي، فالعراق يعتمد بشكل شبه كلي على إيرادات النفط في إدارة سياساته المالية الداخلية.
فوفقا لمتخصصين في الاقتصاد، فإن مساهمة النفط تبلغ 96% من موازنة العراق، وتشكل 99% من إيرادات العملة الأجنبية للبلاد.
ومع ارتفاع الإنفاق الحكومي في الآونة الأخيرة، فإن أخبار ارتفاع أسعار النفط العراقية تنذر بخطر وشيك يهدد اقتصاد بلاد الرافدين.
خاصة وأن النفط العراقي تحديدا قد وصل ثمن البرميل منه إلى 56 دولارا للبرميل، وهو ما سيمثل مشكلة معقدة في توفير رواتب الموظفين، إضافة إلى تحقيق الأمن الغذائي من خلال استيراد المواد الغذائية مثل الأرز والزيت وغيرها.
منافسة النفط العراقي والروسي
يباع النفط العراقي بأقل من خام برنت بخمسة دولارات، والسبب في هذا أن النفط العراقي من النفط الخام المتوسط ويحتوي على شوائب وليس خاما خفيفا.
إضافة إلى أن النفط الروسي دخل على خط المنافسة هو الآخر بسبب التخفيضات التي تقوم بها موسكو والتي تبلغ 25 دولاراً.
لا خطر للعراق في التمويل
لكن هناك من يشكك في أن الأزمة الحالية ستؤثر بالسلب على اقتصاد العراق عموما، والسبب أن انخفاض النفط بمستوياته الحالية لن يسبب للعراق أي مخاطر في تمويل الانفاق الحكومي.
فحجم الانفاق العراقي يساوي 90 تريليون دينار أي حوالي 64 مليار دولار أمريكي، ووفقا لمعدلات التصدير الحالية فإن نفط العراق يغطي حاجات نفقته ويزيد عليها.
ولن يتأثر العراق بشكل مباشر إلا إذا وصل نفط العراق لأقل من 45 دولار للبرميل الواحد، وبالمقارنة بالأسعار الحالية والتي تبلغ 86 دولار فإن العراق إلى الآن في أمان من أزمة اقتصادية طاحنة تضرب اقتصاده.
فوفق أسعار النفط اليوم، ستبلغ إيرادات المتوقعة حدود 8.65 مليار دولار شهريا وهي بذلك تتجاوز ما قيمته 12.5 تريليون دينار، في حين أن الإنفاق التشغيلي لا يتجاوز 7.5 تريليون دينار شهرياً.
جرس الإنذار يدق من جديد
لكن متخصصين أشاروا إلى أن العقلية الاقتصادية التي يدار بها العراق لم تتغير، مدللين على ذلك بأنه وإلى الآن لم يتم تنويع مصادر الدخل في موازنة الدولة.
واعتبروا أن تكرار المشهد وانخفاض أسعار النفط اليوم ينذر بالخطر مجددا، فانخفاض سعر النفط اليوم إلى 86 دولارا للبرميل يعني أن العراق أصبح قريباً من منطقة الخطر، وإذا استمر تراجع أسعار النفط أكثر فأكثر، فمن المحتمل العودة والاعتماد على القروض الداخلية أو الخارجية.
طبيعية أسعار النفط
ورأى متخصصون آخرون أن أسعار النفط بطبيعتها شديدة التقلب، فهي تتراجع وتتزايد لأسباب عالمية مثل النزاعات وصعود الدولار.
وفي العراق يبدو التخطيط لسياسة مالية مستدامة في ظل تلك الظروف مستحيلا، كما أن السوق النفطية في الفترة الماضية أصبحت وضع استثنائي وقصير الأمد بسبب النزاع الأوكراني، وبالتالي فإن التخطيط بعيد الأمل شيء مستحيل لأن الظروف الخارجية لن تسمح للعراق بذلك.