كان محمد شاب مثله كمثل كل شباب جيله، فقد كان في الثلاثين من عمره ويسكن في إحدى المناطق الشعبية ي حي إمبابة بمحافظة الجيزة، كأقرانه من الشباب، حاول محمد أن يعمل في أكثر من حِرفة، إلا أنه كان فاشلاً من الناحية العملية، وأصبح وحيدا وانطوائيا، لا يخرج من غرفته إلا قليلاً.
وفى إحدى الليالي أثناء جلوسه على الحاسوب الخاص به، شاهد إعلانا للعبة تدعى «الحوت الأزرق»، يمر خلالها اللاعب بـ 50 تحديا ولغزا وتعويذات، وما إن ينجح في تحدى وفك اللغز حتى ينتقل لآخر، ليفاجئ بأن التحدي التالي له، أن يقتل أحد أقاربه.
لم يفكر «محمد» كثيرا، فهو بالفعل يبغض أباه لكثرة المشكلات بينهما بسبب جلوسه في البيت، وتوبيخ والده الدائم له، فأحضر سكينًا وانهال على والده المسن، وبعد أن تأكد من موته، نزل من المنزل وجلس على أحد المقاهي، وحكى لأحد أصدقائه بأنه قتل أباه، وقام بالهرب قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية من ضبطه.
وفقًا للتحريات جاءت التفاصيل الكاملة للحادث الذي هز المنطقة بأكملها كالتالي… «محمد كان محترم، وعمره ما طِلعت منه العيبة، مش عارفة إزاي قتل أبوه»، بتلك الكلمات بدأت «أم أيمن»، جارة المتهم، وأضافت: «بعد ما خلَّص الدبلوم وهو بيحاول يشتغل في أي حاجة، لكن ما كنش ليه نصيب في الشغل، وتقريبا من الوحدة أعصابه تِعبت… ما تجننش بس أفعاله بقت غريبة».
وتتابع الجارة حديثها: «بالرغم من إنه ولد على 4 بنات، إلا إن أبوه ما كنش مدلَّعه، وعلى طول في مشاكل معاه، بسبب جلوسه في البيت، لغاية الأسبوع اللي فات.
ومن جانبها والدته بتصوَّت وتقول: «محمد قتل أبوه»، ولما جرينا نشوف إيه اللي حصل، لاقيت أبوه غرقان في دمه، ومحمد مش موجود… هو قتله وأمه واخواته نايمين، بس أمه صحيت على صوت وجع جوزها، وقالَّها إن محمد هو اللي ضربه بالسكين».
في حين قال على السيد، أحد المقربين للمتهم، إن صديقه «محمد»، بعد أن كان محبا للحياة، تغيرت طباعه، فتارةً أصبح متدينا لا يترك صلاة، وتارة أخرى انطوائيا لا يفارق غرفته، إلا أنه منذ عدة أشهر.
بدأ بالتفوه بكلام غريب مثل أنه وهب جسده لله، وأن الله اختاره من بين عباده، ليكون المهدى المنتظر، «إحنا فكرنا إنه اتجنن، ووالده قرر يوديه مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بالعباسية، إلا إنه تراجع عن كلامه، وكان باين عليه إنه مش مجنون عشان كلامه موزون جدا».
وتابع صديق المتهم: «بعد أن أصبح محمد لا يفارق غرفته، أخبرني بأنه يلعب لعبة تدعى «الحوت الأزرق»، تطلب منه عددا من التحديات، من بينها التدلي من حبل «المشنقة»، وهو بالفعل قام بصنع مشنقة في غرفته، وكان هو أول تحد في اللعبة».
وأضاف: «محمد أخبرني بأنه رأى بالمنام أن والده سوف يقتله، وأخبرني بذلك، فأخبرته بأن ذلك المنام، من فعل الشيطان نتيجة الخلافات الدائمة بينه وبين أبيه، ولكن محمد كان على يقين بأن والده سوف يقوم بقتله». واستكمل، أن صديقه أخبره أن التحدي القادم في اللعبة أن يقوم بقتل أحد أقاربه، وكان يظنه يمزح، إلى أن نفذ محمد وعده وقتل أباه، وبعد قتله جاء وجلس على المقهى وقال له «أنا قتلت أبويا قبل أن يقتلني»، وكما طلب منه في اللعبة.
تفاصيل الواقعة ترجع إلى تلقى مباحث قسم شرطة إمبابة، بلاغا يفيد بوقوع مشاجرة وسقوط متوفى بشارع جابر دائرة القسم. وبالانتقال والفحص، تبين حدوث مشاجرة بين «محمد. أ»، 64 سنة، عامل، وابنه «محمد»، 32 سنة، عاطل، أسفرت عن إصابة الأب بطعنة نافذة في الصدر.
وتم نقله لمستشفى إمبابة العام وتوفى فور وصوله. وبإجراء التحريات بواسطة مباحث القسم، تبين أن خلافا عائليا تطور لمشاجرة تعدى خلالها الابن على والده محدثا إصابته التي أودت بحياته.
وبسؤال زوجة المتوفى وشاهدة عيان مُقيمتين بذات العنوان، أيدتا ما سبق أن أكدته زوجة المجني عليه أن ابنها مريض نفسي ويعالج في مصحة.