رحلة لم تكن في أسوأ كوابيسه.. رحلة كان صوت الرماية والطلقات أنيسها، وصوت الطائرات في السماء والآليات العسكرية على الأرض هو مهدها، أراد التعرف على بلاد الذهب، فوقع أسيرًا للأطماع السياسية.. حكاية الرحالة المصري أحمد بدوي ورحلة الحروب من الخرطوم؟
كشف الرحالة المصري أحمد بدوي تفاصيل نحو 15 يوما من الحصار والحياة في أجواء المعارك العسكرية بالخرطوم، حيث لا ماء ولا طعام، والنوم على أزيز الطائرات في السماء وأصوات الرماية واستهداف المعدات العسكرية، ورحلته للهروب من بلاد الذهب ليكون شاهدًا على الأحداث.
البداية كانت مع وصول أحمد بدوى إلى الخرطوم قبل 3 أيام من المواجهات العسكرية بين الجيس السوداني والدعم السريع، كانت آمال أحمد مع وصوله إلى بلاد الذهب زيارة البلد الـ 60 في قائمة رحلته حول العالم، والتعرف على حضارتها وتاريخها وتقاليد شعبها، إلا أن ما أن لبث إلى الراحة بعد أن وصل إلى الخرطوم، ليذوب بين شعبها إلا أنه وكأن القيامة قد أعلنت عن مجيئها لتكون صدمة الرحالة المصري.
وروى أحمد بدوي خلال مقابلة مع “العربية”، قصة وصوله إلى الخرطوم، ورحلته التى لم تكن في الحسبان.
وقال الشاب المصري، إنه تواجد في الخرطوم قبل الأحداث بعدة أيام، إلا أنه استيقظ فجأة على أصوات الرماية وحدوث اشتباكات اعتقد في البداية أنها أزمة لحظية لن تستغرق سوى ساعات وتنهي.
ويروي أحمد قصته في الخرطوم كشاهدًا على الأحداث، مشيرًا إلى أنه وجد نفسه محبوسا، لا يستيطع مغادرة السودان، حيث أن مطار العاصمة مغلق، كما أن الأمر أصبح أكثر سوءً، مع عدم توفر الأكل والمياه أثناء الصيام برمضان فكل المحلات مغلقة أو لا يوجد بها أي سلع، موضحًا أنه كان يجد طريقه وسط شوارع الخرطوم وينزل بحذر مع هدوء الأجواء للبحث عن ما يمكن تناوله.
300 دولار بدلاً من 20
وواصل أحمد حكايته عن رحلة الهروب من الخرطوم، ليؤكد أنه بعد أيام تحملها خلال رمضان داخل شقته يحاول التأقلم مع نقص المياه والطعام وانقطاع التيار الكهربائي وأصوات الرماية، حيث تحولت رحلته من الوصول إلى الدولة 60 إلى البحث عن النجاة.
ويذكر أحمد أنه بعد أيام دخل وقت عيد الفطر، ومازالت المواجهات العسكرية مستمرة، إلا أنه لسوء الوضع فشلت في الوصول إلى طريق للمغادرة، مشيرًا إلى أن السفارة المصرية أكدت له أنه يوجد طريقين للمغادرة إما عن طريق المعبر المصري أرقين أو الذهاب إلى مدينة بورتسودان.
وأوضح الرحالة المصري، أن قرر اختيار الخيار الأول عن طريق المعبر المصري أرقين الذي عادة ما يكلف 20 دولارًا فقط، لافتًا إلى أن تفاجئ أن بسبب الأحداث وتكدس أعداد الفارين ارتفعت الأسعار بشكل كبير جدًا إذ اضطر لدفع 300 دولار.
وروى أحمد رحلة الخروج من الخرطوم، تحت وطأة المواجهات العسكرية، قائلا : “الخروج من الخرطوم كان خطرا جدا، وإطلاق الرصاص يحيط بهم في كل مكان والشوارع مقطوعة، من قبل عناصر الجيش والدعم السريع.وذكر أحمد أنه بعد الخروج من الخرطوم كان الطريق أكثر أمانًا، وأن الرحلة من الخرطوم إلى الحدود السودانية استغرقت نحو 15 ساعة، مشيرًا إلى أن عندما وصلت رحلته إلى الحدود السودانية كانت مغلقة ليلا على الرغم من الأحداث ما تسبب في تأخير نحو 500 أتوبيس، لتستمر رحلة المعاناة التي بدأت معه في رحلته.
واستكمل الرحالة المصري، تفاصيل رحلة الهروب، مبيناً أنه خرج من الحدود السودانية بعد انتظار 14 ساعة أخرى، ثم كان التعامل في الحدوث المصرية ومعبر أرقين أكثر رحابة حيث يعمل المعبر على مدار 24 ساعة، ليستقبل كل الفارين، مشيدًا بدور الهلال الأحمر المصري الذي يمنح العابرين للحدود الرعاية الصحية وحقائب النظافة الشخصية.
ليختتم الرحالة المصري رحلته التي بدأها للتعرف على ثقافة وتقاليد الشعب السوداني وأنهاها برحلة البحث عن النجاة.