بتعليقات غريبة وكلمات أغرب، وتصرفات يصفها البعض بالخروج عن المألوف، احتل الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى المرتبة الأولى وبلا منازع كصاحب أطرف المواقف بين الزعماء على الإطلاق، لكن هل كان يدرك القذافي ما يقوله حقًا، فكان يغمس السم بالعسل، أم كانت مجرد مواقف عابرة، وكيف تنبأ الرئيس الليبي بالربيع العربي قبلها بعام، هذا ما سنرويه لكم في التالي:
مواقف الرئيس وعثراته لم تنتهي سوى برحيله، وربما بقيت هي وذهب هو. فالرئيس الليبى الراحل، بدأ مواقفه غير المألوفة فى القمم والمؤتمرات الرسمية، منذ أول قمة حضرها، وكانت بالعاصمة المغربية الرباط، عام 1969.
وقبل بدء أعمالها وكتقليد طبيعي يُتبع في المملكة المغربية، قبًل رئيس الديوان الملكى المغربى يد الملك الحسن، فإذا بالقذافى يصيح بأعلى صوته: “ما هذا؟ تقبيل أيادى؟ عدنا إلى عصر العبودية… لا… لا… هذا شىء مرفوض… مرفوض تماماً”، حسبما ذكر الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل فى كتابه “كلام فى السياسة”.
أما قمة دمشق عام 2008، فيمكن القول إن خطاب القذافى فيها آثار كثيرًا من الجدل، حيث طالب القادة العرب بألّا يتخاصموا مع إيران، لأن 80% من سكان الخليج إيرانيون، وأضاف: “ما فى حاجة تجمعنا أبدًا.. إلا القاعة هاى”.
أما أشهر ما قاله القذافى فى هذه القمة، فهى عبارة «بكرة الدور جاي عليكم كلكم»، وذلك أثناء تناوله لقصة إعدام الرئيس العراقى صدام حسين.
وتلك هي القمة ذاتها التي تمكن فيها أحد المصوريين العرب، من التقاط صورة طريفة لوزير الخارجية العراقى حينها هوشيار زيبارى، خلال الاجتماعات التحضيرية للقمة، وهو يقرأ مطبوعة ملونة بالمقلوب أمام الكاميرا، ليعلق أحد الصحفيين اللبنانيين بأن زيبارى يملك قدرات خاصة جدًا من بينها القراءة بـ”المقلوب”.
وبالعودة لمواقف القذافي مُجددًا، فيجب أن نستعرض ما حدث بقمة الدوحة 2009، حينما فاجأ القذافى الجميع عندما بدأ بالكلام بدون إذنٍ.
وواجه الملك السعودى الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حينها، قائلاً إنّ المشكلة الشخصيّة انحلّت بينهما لأجل الأمّة، مضيفًا باستنكار غريب: “على الرغم من أنّ مكانتي العالميّة لا تسمح لي بأن أنزل لأى مستوى آخر”.
وهو ما دفع كل الحاضرين في القاعة وعلى رأسهم الملكة ذاته لأن يدخلو ا في موجة هستيرية من الضحك، على ذاك الزعيم الذي أعماه غروره فيما يبدو.
جنون القذافي دفعه ليسخر من سِمنة أمير قطر السابق الشيخ الراحل خليفة بن حمد الثاني، حيث أشاد بترأسه للقمة العربية بالدوحة.
وشكر القذافي خلال ترأسه للقمة العربية التي عُقدت بمدينة سرت الليبية عام 2010، أمير قطر على ما أسماه بملىء الفراغ خلال السنة التى ترأس فيها القمة قائلاً: “ملأ الفراغ أحسن منى لأسباب تعرفونها”. فيما تلافى الأمير القطري الموقف، بمحاولته سؤال من حوله عن خلل فى الصوت لم يتح له سماع الكلام كاملًا.
لكن وعلى الرغم من مواقف وكلمات القذافي التي وصفت كثيرًا بالجنون، إلا أنه كانت له بعض المواقف الأخرى التي ما إن سمعتها ستقف حائرًا، لتسأل نفسك: “هل أنت أم شخص مجنون أم حكيم يأخذ الجنون ستارًا له”.
وهذا مااتضح جليًا،في القمة ذاتها، حينما تنبأ القذافى بأحداث الربيع العربى والتى اندلعت بعد ذلك بعام واحد، وراح ضحيتها القذافى نفسه وعدد من القادة الذين حضروا هذه القمة.
وقال القذافى فى كلمته الافتتاحية: “إن النظام الرسمى العربى يواجه تحديات شعبية متزايدة، ولن تتراجع هذه التحديات حتى تصل إلى هدفها النهائى، والمواطن العربى متمرد، ومتربص، ولا نستطيع أن نحتمى بعد الآن خلف الصولجانات أو الحدود، فهى غير محترمة، وتداس تحت أقدام الجماهير الثائرة”.
وعلى الرغم من تلك المواقف الطريفة والغريبة في الآن ذاته، فتظل أكثر اللقاطات التي كانت تُحسب عليه، هي تكراره لصفاته الكثيرة فى كل القمم مثل “عميد الحكام العرب”، و”ملك ملوك إفريقيا”، و”إمام المسلمين”.
فبرأيك هل كان القذافي زعيمًا داهية، أم مجرد زعيم مجنون؟.