حين تسمع أن الجرام الواحد من مادة ما يساوي 25 مليار دولار، قد يخيل إلى عقلك أن تلك المادة نوع من المجوهرات الثمينة كالذهب والماس، لكن الحقيقة أن المجواهرات الثمينة ليس فقط الأغلى سعرًا في العالم، فما نحن بصدد الحديث عنه إذا امتلكت جرامًا واحدًا منه واصطدم بسطح الأرض فذلك كافي لإحداث انفجار نووي يفوق ما حدث في هيروشيما وناجازاكي معًا، نعم أنها المادة المضادة.
المادة المضادة تعرف من اسمها هي عكس المادة الطبيعية الموجودة في كل شيء من حولنا، بمعنى أن خصائصها مضادة لخصائص المادة العادية، فالمادة المضادة يدخل في تكوينها ذرات مثلها مثل الموجود في المواد الطبيعية إلا أن المادة المضادة تحتوي على عكس الشحنات الكهربائية الموجودة في المادة الطبيعية، فبدلًا من البروتون الموجب في المادة العادية يتواجد في المادة المضادة مضادات البروتونات السالبة، وبدلًا من الإلكترون السالب تحتوي المادة المضادة على بوزيترون موجب.
فتلك المادة تصنف على أنها واحدة من أخطر وأندر المواد في العالم، فلماذا كل ذلك الخوف من امتلاك جرامًا واحدًا منها؟
إذاحدث وتلاقت المادة المضادة مع مادة طبيعية، بمجرد التلامس بينهما سيلاشي كلًا منهما الآخر محدثين طاقة كبيرة جدًا، فلو وقع جرام واحد من المادة المضادة على سطح الأرض كافي لأن يدمر مدينة كاملة.
فمنذ قرن تقريبا، اكتشف العلماء وجود مادة مُغايرة عن المادة الطبيعية الموجود من حولنا، ففي عام 1928 تنبأ الفيزيائي البريطاني “باول ديراك” بوجود مادة مضادة من خلال معادلة رياضية انتهت بإجابتين أحدهما إيجابية والأخرى سلبية، وبعد خمس سنوات تم اكتشاف أول جسيم مضاد وهو الكترون بشحنة موجبة سمي “بوزيترون”.
فوفقًا لتقارير مراكز الأبحاث (0.5 جرام من المادة المضادة يعادل قوة القنبلة النووية التي استخدمت في هيروشيما) و(1.5 كيلو جرام = قوة أقوى سلاح نووي في العالم) .
و تعتبر المادة المضادة أكثر مواد الكون تكلفة ذلك لأن إنتاجها أمر صعب جدا إذ يتطلب انتاج كميات قليلة منها أكثر المعدات تطورا في العالم الموجودة لدى منظمة الأبحاث الأوروبية.
ورغم أن المادة المضادة تعتبر خطيرة جدًا إلا أنه من الممكن استخدماها في خدمة العالم بطريقة إيجابية، منها تزويد العالم بأفضل أنواع الوقود كفاءة، وذلك من المؤكد سيحدث قفزة كبيرة لمفهوم صناعة الطاقة كما أن تلك المادة مقترحة لعلاج بعض أنواع السرطنات.
ولكن يواجه العلماء تحديان كبيران للحصول على المادة المضادة، الأول أنها تتدمر وتختفي تتحول الي ضوء بمجرد ملامستها للمادة الطبيعية وهذا يجعل الحفاظ عليها تحديًا صعبًا، والثاني أن إنشاء المادة المضادة مكلف جدًا حيث يبلغ سعر الجرام الواحد أكثر من 60 تريليون دولار، ولكن وحتى الآن تم تحقيق أفضل نتيجة في الحفاظ على المادة المضادة لمدة 1000 ثانية فقط داخل المختبر، وصنعت بكميات قليلة جدًا تساوي تقريبًا 19 نانوجرام فقط بتكلفة 114000 دولار.
وأنت برأيك إذا كنت تمتلك جرامًا واحد من تلك المادة هل ستسخدمه في خدمة البشرية أم صنع سلاح نووي؟