يومٌ تبخرت فيه الصخور، وأُضْرمت فيه حرائقُ الغابات، وتسببت عواصفه الحارة في موجاتٍ ضخمة وأعاصيرَ ليس لها مثيل.
يوم كادت أرضنا أن تفنى وتَنْعدِم، وكل هذا كان بسبب تغير بيئي بسيط، قلب موازين الحياة في كوكبنا رأسا على عقب.
والآن وبعد 66 مليون سنة من ذلك اليوم المشؤوم، يدور الزمان وتعود نفس التغيرات البيئية في التي قضت على كوكبنا في الماضي، تاركةً لنا سؤالا مرعبا: هل سيفنى كوكبنا قريبا؟ هذا ما سنعرفه في التقرير التالي.
قبل 66 مليون سنة، اصطدم كويكب بكوكبنا، وخلِّف وراءه حفرة بعمق 30 كيلومتر، اهتز الكوكب بعنف وضربه زلزال قوته 12 درجة، ومع اندفاع كرات النار المحترقة بجانب الموجات البحرية الهائلة، شهد كوبنا تداخل بين هاتين الظاهرتين المرعبتين مما أدى لتكوين عواصف نارية تأكل الأخضر واليابس على كوكبنا.
لم ينتهي الأمر عند هذا الحد فقد حُجِبت أشعة الشمس، لتبدأ مرحلة أسوأ من مراحل تاريخ الأرض وهي تبريد سطح الكوكب.
من نجا من الاصطدام وتوابعه، لم يستطع أن يتكيف مع البرد القارص الذي حل بالكوكب، ومع نهاية ذلك الفصل من تاريخ كوكبنا، كانت هناك حوالي 75% من الكائنات الحية على سطحه قد انقرضت.
الديناصورات الضخمة، كانت هي أشهر الكائنات المنقرضة، وأُطلِق على هذا الحدث فيما بعد: انقراض العصر الطباشيري الثلاثي.
لكن لماذا؟ من المعلوم أن هذا لم يكن هو الكويكب الأول الذي اصطدم بالأرض، فلما تسبب هو بالذات في انقراض الديناصورات التي عاشت لملايين السنين وبلغت مدة استيطانها لكوكبنا 180 مليون سنة.
كان السبب مفاجأ للعلماء، فلم تتسبب لا العواصف النارية ولا الفورانات البركانية في انقراض الديناصورات، بل كان سببا بسيطا ويبدو في أول الأمر تافها وهو زيادة حامضية مياه البحار.
تسببت حامضية مياه البحار في اضطراب بيئي عنيف، لم يكن بوسع معظم الكائنات الحية أن تصمد في وجهه مطلقا.
هذه الإجابة هي نذير شؤم لنا في عصرنا الحالي مع الأسف، لأن ظاهرة تحمض المحيطات والتي هي السبب الرئيسي للانقراض السابق لكوكبنا، تتكرر الآن أمام أعيننا مرة أخرى، وقد لا نحتاج هذه المرة إلى اصطدام كويكب ضخم لينهي الحياة على ظهر كوكبنا.
لحسن الحظ لم تصل درجة التحمض في عصرنا الحالي إلى ما وصلت إليه أثناء انقراض العصر الطباشيري الثلاثي، لكنها في طريقها لهذا الاتجاه مستقبلا
ومع ذلك، فإن الافتراضات التي توصل إليها علمائنا لا تعدو كونها أدلة أولية وهناك اختلاف شديد بين العلماء، بين مؤيد لهذه الفرضية ومعارض لها، لكنها في النهاية تبقى فرضية مرعبة إلى أقصى حد كبير.