بابا الفاتيكان.. هو رجلٌ يسعى دائمًا لنشر قيم السلام والمحبة والأخوّة بين البشر، ويحاول جاهدًا أن يوقف المعارك ويحقق مصالح الجميع في كل بقاع الأرض.
لكن لماذا وصل الأمر إلى أن يقبّل أقدام زعماء جنوب السودان؟ ولماذا استقبله الشعب السوداني في الشوارع بالرقص والطبول؟ لنعرف التفاصيل.
رحلة الحج من أجل السلام
بدأ البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، «رحلة الحج من أجل السلام» إلى دولة جنوب السودان، بعد انتهاء زيارته للكونغو الديمقراطية.
حيث وصل البابا إلى جوبا، في زيارة هي الأولى لجنوب السودان وَ تستمر ثلاثة أيام.
وتهدف تلك الزيارة الهامة إلى الدعوة للسلام والمصالحة في الدولة التي عانت من مواجهات أهلية عنيفة وتعتبر من أفقر بلدان العالم.
رقص وطبول في الشوارع
وخرج عشرات الآلاف من الشعب السوداني الجنوبي، إلى الشوارع ليستقبلوا البابا فرنسيس بالرقص والزغاريد وقرع الطبول.
واصطفت حشود ضخمة على جانبي الطريق ولوّح كثيرون بأعلام جنوب السودان وبريطانيا واسكتلندا والفاتيكان.
وسار البابا مستقلًا سيارة صغيرة بيضاء من طراز فيات، وكان يلوح من النافذة وحوله سيارات أكبر حجمًا ورجال أمن.. ورددت الحشود الهتافات أثناء مرور موكبه.
كارثة قبل الوصول
البابا فرنسيس لطالما أراد زيارة جنوب السودان؛ إلا أن كل مرة كان يخطط فيها لزيارة البلاد كان يتعين عليه تأجيلها بسبب عدم الاستقرار هناك.
تلك المرة لم تختلف عن سابقيها كثيرًا؛ حيث وقعت عشية وصول بابا الفاتيكان، حادثة راح ضحيتها 27 شخصًا في ولاية وسط الاستوائية؛ إلا أن هذه المرة صمم البابا على مواصلة رحلته.
مفاجأة ترافق البابا فرنسيس
في سابقة من نوعها، رافق البابا فرنسيس خلال فترة وجوده في جنوب السودان، «جاستن ويلبي» رأس الطائفة الإنجيلية على مستوى العالم، و«إيان جرينشيلدز» منسق كنيسة اسكتلندا.. ويمثل الثلاثة، الطوائف الرئيسية في جنوب السودان.
وكان «ويلبي وجرينشيلدز» برفقة شخصيات رفيعة المستوى من جنوب السودان، على مدرج الطائرات بمطار جوبا في استقبال البابا لدى وصول طائرته من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
إلى ذلك، عقد البابا اجتماعًا خاصًا مع سلفا كير رئيس جنوب السودان في القصر الرئاسي، قبل إلقاء كلمة أمام السلطات والدبلوماسيين وممثلي المجتمع المدني.
وقال فرنسيس: إن جنوب السودان ينعم بموارد طبيعية وفيرة، لكن يجب تقاسمها وليس حصرها على قلة من خلال الفساد.
ركوع البابا
رحلة البابا مع نشر السلام في السودان بدأت منذ عدة سنوات، وطوال الأشهر الماضية يقدّم بابا الفاتيكان جهودًا كبيرة من أجل تحقيق آمال الشعب السوداني في العيش حياة لا يشوبها القلق والعنف.
جهود البابا لم تقف عند الدعوات للسلام والخطابات الرافضة لظاهرة العنف، بل وصل الأمر إلى أن يركع بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبريل من العام 2019 لتقبيل أقدام زعماء جنوب السودان، وحثهم على عدم العودة للعنف ونشر السلام بما يحقق الازدهار للجميع.
حجر الأساس في إرساء السلام
دعوة البابا إلى التسامح بهذه الطريقة جعلت القادة والحضور جميعًا ينتابهم الدهشة؛ ليس لمقام البابا الرفيع فحسب، بل أيضًا لأن الرجل يبلغ أكثر من 80 عامًا ويعاني من ألم مزمن في الساق ورغم ذلك صمم على الركوع.
ما فعله البابا فرنسيس كان حجر الأساس في إرساء السلام في السودان وإيقاف المواجهات العنيفة.. وعلى الرغم أن المسألة لم يتم حلها بشكل كامل.. ولكن باتت الأمور أفضل مما كانت عليه.