لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، أكثر من سنة قد مرّت منذ انطلاق العمليات العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية.
ومع اشتداد الصراع الدائر، والتطورات الأخيرة على الساحة الروسية الأوكرانية، بات يلوح في الأفق التهديد الروسي باستخدام المقذوفات النووية لحسم الأمور.
على غير ما كان متوقعًا، صمدت القوات الأوكرانية في مواجهة الدب الروسي خلال أكثر من عام منذ انطلاق الصراع الدائر بين الطرفين في أوكرانيا.
حيث دخلت روسيا تلك المعارك وكان لها أهداف محددة تتمثل في تفكيك القدرات والبنى التحتية لأوكرانيا حتى لا تكون أرضًا خصبة يسعى إلى ضمها حلف الناتو.
إلا أن تلك الأهداف تغيّرت ووضعت موسكو أهدافًا مرحلية بديلة، تتمثل في محاولات استنزاف من الدب الروسي للقوى الغربية ممثلة في حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية.
تلك المعارك الممتدة، والتي حققت خلالها أوكرانيا العديد من المكاسب، جعلت الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي يرى أنه لربما تتحرر أراضي بلاده بالكامل في القريب العاجل، بل تخطت أحلامه تلك الرؤية إلى أخرى تتجسّد في استعادة جزيرة القرم من القبضة الروسية.
إلى ذلك، قال كاظم ياور الباحث في السياسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، إنه مع التفكير الأوكراني في انتزاع جزيرة القرم من روسيا التي تسيطر عليها منذ العام 2014، لا أستبعد أن يكون خيار استعمال السلاح الروسي متاحًا أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأشار إلى أن جزيرة القرم تعني الكثير لروسيا من الناحية الاستراتيجية في هذه المرحلة، وأي محاولات من أوكرانيا لتنفيذ عمليات في الجزيرة ستستفز الروس لدرجة استعمال تلك المقذوفات الخطيرة، وربما يكون إرسال الرؤوس النووية على نطاق محدود ولكنه ما زال يمثل خطرًا كبيرًا.
وأوضح أن السلاح النووي يبقى سلاح دمار شامل لا يتمنى أي إنسان أن يتم استعماله، ولكن التمنيات شيء وتعامل الدول مع بعضها في المعارك خاصة الأقطاب الكبرى شيء آخر.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية حين قررت استعمال النووي، كان خلال معاركها مع اليابان، وعلى ذلك لا نستبعد أن يُقدم الروس على تلك الخطوة حتى تبعث برسالة لحلف الناتو مفادها أن روسيا لن تستسلم، ولن تكون سوى دولة قطبية في العالم، وإذا فقدت آمالها في هذه القطبية سوف تستخدم هذا السلاح من أجل استعادة هيبتها وسط دول العالم.
وفي مقال له، قال الكاتب والمحلل السياسي حميد الكفائي: إنه مع الفحص لسجل روسيا في الالتزام بالتعهدات الدولية، سنجد أنها لم تتردد في مخالفة تلك التعهدات من أجل رعاية وضمان مصالحها؛ لذلك من المحتمل أن تخالف روسيا تعهداتها بخصوص السلاح النووي، وقد تستخدمه بشكل محدود لإخافة الشعوب الغربية وللبرهنة على جديتها وتصميمها على الانتصار في الحرب.
على الصعيد ذاته، سيكون من الصعب على الناتو، أخلاقيًا وسياسيًا وعسكريًا أيضًا، أن يقابل أي هجوم نووي روسي بالمثل، لأنه سيفقد الشرعية الأخلاقية التي يحارب روسيا بها.
والأهم من ذلك، هو أن الأضرار المترتبة على الرد النووي ستكون هائلة، وقد تعود الإشعاعات على الدول الأعضاء في الحلف، أو الصديقة له، أو غير المعنية بالصراع، إذ لا يمكن التحكم بأبعاد السلاح النووي أو مدى انتشار إشعاعاته.
وفي حالة إطلاق روسيا رأسًا نوويًا على أوكرانيا، فلابد أن تتأثر إحدى دول الناتو القريبة منها، وحينها سيرد الحلف، ولكن بالأسلحة التقليدية، ولديه الإمكانيات أن يكبد روسيا خسائر واسعة النطاق، لا تقل فداحتها عن الأضرار التي تخلِّفها الأسلحة النووية، باستثناء غياب الإشعاعات القابلة للانتشار والإضرار بالمدنيين والبيئة.