بين زيادة مفاجئة في إيراد النيل الأزرق والأبيض وتحذيرات سوادنية واستعداد إثيوبي للملء الرابع لسد النهضة يعيش المواطن السوداني في ترقب كبير لما ستسفر عنه الأيام المقبلة لاسيما بعد تشديد سلطات بلاده على المواطنين بضرورة الحذر.. ماذا سيحدث لمياه النيل؟
هل بدأت أعمال توسعة الممر الأوسط لسد النهضة الإثيوبية واقترب الملء الرابع؟ أم فقدت إثيوبيا السيطرة على المياه المخزنة بين سد السرج وسد النهضة.. فاضطرت لفتح بوابتي التصريف في جسم سد النهضة؟ أم هي مجرد مناورة إثيوبية من أجل إظهار الوضع وكأن الأمور تسير على مايرام في ظل تزايد الدراسات من هنا وهناك حول المخاطر المحتملة لسد النهضة؟
كلها تساؤلات تدور في عقل كل مصري وسوداني بمجرد أن خرج بيان تحذيري من وزارة الري والموارد المائية في السودان.
فقبل عدة ساعات خرجت وزارة الري والموارد المائية في السودان، ببيان تضمن كلمة “عاجل” حذرت فيه الوزارة السودانية من ارتفاع ملحوظ في إيراد النيل، مما يؤدى إلى ارتفاع المناسيب في جميع الأحباس على النيل الأزرق والنيل الأبيض والنيل الرئيسي، مشددة على المواطنين السودانيين بأخذ الحذر والاحتياطات اللازمة حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم.
لكن في تعقيبه على بيان وزارة الري السودانية، أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن معدلات سقوط الأمطار على الهضبة الإثيوبية في هذا الوقت من العام ضعيفة للغاية، وبالتالي فإن الإيراد اليومي من المياه من النيل الأزرق طبيعي، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتضح من صور الأقمار الصناعية لسد النهضة الإثيوبي.
أوضح “شراقي”، أن صور الأقمار الصناعية تظهر استمرار انخفاض المياه أعلى الممر الأوسط لسد النهضة، حيث تعبر المياه حاليًا الممر الأوسط بأقل كمية هذا الموسم.. وتصل إلى أقل من 30 مليون متر مكعب في اليوم، وسوف تصل إلى متوسط 26 مليون متر مكعب في اليوم خلال الأيام القادمة.
ونوه “شراقي”، إلى أنه كان من المفترض أن تمر هذه المياه بالكامل من خلال أحد التوربينين، إلا أن صور الأقمار الصناعية تكشف ضعف تشغيل التوربينين وعدم قدرتهما على إمرار الكمية القليلة الحالية كما أن بوابتى التصريف على الجانب الأيمن مازالتا مغلقتين.
وأشار الخبير المصري إلى أن حجم التصريف من سد النهضة كان منذ أسابيع مستقر عند حوالي 100 مليون متر مكعب يوميا، موضحًا أن هذه الكميات تصل في موسم سقوط الأمطار إلى حوالي 800 مليون متر مكعب يوميا.
وأوضح أنه فيما يتعلق بالنيل الأبيض فإن هضبة البحيرات الاستوائية لن تدخل في موسم سقوط الأمطار الغزيرة، إلا في أشهر مارس وأبريل ومايو، مضيفا أن منسوب المياه في البحيرة حاليا أقل من منسوبها في العام الماضي.
ورجح عباس شراقي أن يكون سبب ارتفاع مناسيب المياه في النيل الأزرق والأبيض في السودان بحسب بيان وزارة الري السودانية بسبب قيام السلطات السودانية المعنية بعملية تفريغ بعض السدود “الروصيرص وجبل الأولياء” للقيام بعمليات صيانة السدود أو بعض الأعمال الهندسية، معتبرا أن هذا التوقيت من العام هو الأنسب للقيام بمثل تلك الأعمال حيث يكون الإيراد اليومي في النيل الأزرق والأبيض أقل ما يمكن.
أخيرا الكل أصبح يدرك أن إثيوبيا بدأت بالفعل الاستعداد للملء الرابع لسد النهضة في خطوة أحادية لاسيما أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق ملزم بين الدول الثلاث على آلية الملء والتشغيل لسد النهضة.. فهل يتم الوصول إلى حل نهائي لقضية سد النهضة قريبًا؟ أم تفشل المساعي الدبلوماسية في الوصول لحل جذري للأزمة التي تخطت عقدا من الزمان؟