تراجع جديد سجله منسوب نهري دجلة والفرات في العراق. ولكن بعيدًا عن احتمالات معاناة العراق في الأيام المقبلة إذا لم يسرع في إجراءات معالجة الأزمة. فإن انحسار المياه كشف عن كنز أثري فريد من نوعه.
كيف ابتلعت أنهار العراق مدينة أثرية كاملة؟ وكيف قاومت المدينة الغارقة المياه طوال آلاف السنين؟ كل هذا وأكثر نعرج إلى تفاصيله في التقرير التالي:
دجلة يفصح عن السر
بعد تراجع منسوب نهري دجلة والفرات في جنوب العراق.. أفصح نهر دجلة عن السر الذي احتفظ به منذ سنوات طويلة ليكشف لنا عن وجود مدينة أثرية احتفظت بها مياهه وخبأت أسرارها.
فقد أدى انخفاض منسوب مياة دجلة بفعل موسم الجفاف إلى الكشف عن مدينة أثرية تعود إلى حقبة إمبراطورية ميتاني حوالى 1550 و1350 قبل الميلاد، والتي كانت تسيطر على أجزاء كبيرة من شمال بلاد ما بين النهرين وسوريا.
المدينة التي تقع على نهر دجلة في موقع كمونة بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق، ظهرت بالقرب من مياه خزان الموصل في وقت مبكر من عام 2022، بسبب انخفاض منسوب المياه والجفاف الذي يشهده العراق، ليتبيّن أن المدينة الواسعة تضم قصراً والعديد من المباني الكبيرة.
ولم يستبعد الخبراء أن تكون مدينة زاخيكو القديمة، كما يُعتقد أنها كانت مركزاً مهماً في إمبراطورية ميتاني والتي تعود إلى العصر البرونزي.
جفاف بلاد الرافدين
ومع معاناة جنوب البلاد من الجفاف الشديد وحرصاً على ري المحاصيل الزراعية، تم في ديسمبر من العام 2022 سحب كميات كبيرة من مياه خزان الموصل، وهو أهم مخزون للمياه في العراق، وهذه الخطوة أسهمت بظهور مدينة أثرية تعود للعصر البرونزي كانت مغمورة تحت مياه دجلة من دون أي تحقيقات أثرية مسبقة.
ومع ظهور هذه المدينة التي أضيفت إلى خريطة الأماكن الأثرية في العراق، بدأ الباحثون في رسم خريطة لها كما بدأت عمليات التنقيب عن التفاصيل التي تحتفظ بها، إذ تم الكشف عن العديد من المباني الكبيرة بتحصينات ضخمة وجدران وأبراج وكذلك مبنى تخزين ضخم متعدد الطوابق ومجمع صناعي.
كيف قاومت المدينة الماء؟
وعن السؤال الذي يشغل بال الجميع، وهو كيف قاومت المدينة الماء؟.. يوضح «بيكه بريفكاني» مدير الآثار والتراث في دهوك، أن المدينة حافظت على جدرانها وتفاصيلها على رغم وجودها طوال هذه السنوات تحت المياه، ويعود ذلك لحدوث زلزال قديم منذ العام 1350 قبل الميلاد، ما أسفر عن سقوط الأجزاء العلوية للمباني وبخاصة ذات الطابقين، ما أدى إلى حفظ الآثار تحتها.
غير مهيأة للسياح
إلى ذلك، تم نقل الموجودات من الآثار التي عثر عليها في المدينة، إلى دائرة الآثار في دهوك، وهي عبارة عن أوان خزفية تحتوي على أرشيف ضم أكثر من 100 لوح مسماري يعود تاريخها إلى الفترة الآشورية الوسطى.
ولا تزال المدينة غير مهيأة للسياح، لذا تمت تغطية الموقع بالكامل للحفاظ عليه، ووضع الرمل والحجارة لحمايته من المياه أثناء ارتفاعها، كما أن أعمال التنقيب مستمرة.