على مدى عقود طويلة من العلاقات المضطربة بين تركيا واليونان، كانت الخلافات المزمنة بينهما بشأن مجموعة من القضايا، من تسليح جزر بحر إيجه، إلى المجال الجوي، والحدود البحرية، والمسألة القبرصية، وغيرها، مصدر توتر دائم. في بعض السنوات، وصل التوتر إلى حافّة الصدام العسكري لكنّ امتلاك القادة اليونانيين والأتراك حكمة تقدير العواقب، ساعدهم في تجنّب سيناريو الحرب وإدارة الخلافات بالحوار، أو حصرها ضمن نطاق التصعيد السياسي، وفي بعض الأحيان الاستعراض العسكري.
لكن في تطور جديد قد يجعل من منطقة بحر إيجة نقطة غليان جديدة، يبدو أن الأمور تسير نحو الهاوية مع تحركات مريبة من هنا وهناك،فما الذي يحدث؟ تابعوا لمزيد من التفاصيل حول الازمة بين تركيا واليونان.
في تطور جديد لأزمة الجزر منزوعة السلاح بين تركيا واليونان، رصدت طائرات مسيّرة تركية قيام اليونان بنقل مدرعات إلى جزر منزوعة في بحر إيجة، وفق ما ذكرته وكالة الأناضول الأحد 25 سبتمبر 2022.
الوكالة نقلت عن مصادر أمنية قولها إن مسيرات تركية رصدت سفينتي إنزال يونانيتين متجهتين إلى جزيرتي مدللي وسيسام. وأوضحت أن السفينتين نقلتا 23 مدرعة إلى مدللي و18 أخرى إلى سيسام.
كما أوضحت أنه كان من اللافت أنها من المدرعات الممنوحة من الولايات المتحدة إلى اليونان، والتي وصلت إلى ميناء دده أغاج (أليكساندروبولي).
كما أكدت المصادر أيضاً أن حادثتي نقل المدرعات اللتين وقعتا يومي 18 و21 سبتمبر، تعدان مؤشراً صارخاً على استمرار أثينا بتسليح الجزر القريبة من تركيا، وانتهاك وضع تلك الجزر التي يفترض أن تكون منزوعة السلاح، وفق الاتفاقيات ذات الصلة.
بينما لفتت إلى سعي أثينا لنشر معدات عسكرية ممنوحة من الولايات المتحدة على وجه الخصوص في تلك الجزر.
لفتت أيضاً إلى قيام اليونان عبر الشحنات الأخيرة باستبدال بعض المدرعات في الجزيرتين المذكورتين، بمركبات مدرعة ذات عجلات تكتيكية منحتها واشنطن لأثينا.
فيما أشارت المصادر إلى عدم تجاوب أثينا مع دعوات تركيا لحل الخلافات عبر الحوار وفي إطار القانون الدولي.
كما أكدت أن تهرب أثينا من الحوار وتغيبها عن الاجتماعات بهذا الخصوص، ومواصلتها استفزازاتها، تظهر بوضوح من هو الطرف الذي يزيد التوتر ويقوم بأنشطة عدوانية وغير قانونية.
وتأتي التحركات اليونانية المريبة، بعد أيام قليلة من تحذير رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، لتركيا من التشكيك في سيادة اليونان على جزر بحر إيجه.
وقال ميتسوتاكيس في كلمته في الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إنّ “تركيا لديها وسواس غريب تجاه بلادي، على ما يبدو. واللغة التي تتحدث بها تميل أكثر فأكثر إلى لغة الحرب”.
ولم تتوقف تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عالية النبرة تجاه اليونان، منذ يونيو الماضي، ولكنها بدأت تأخذ طابعاً تصعيدياً بعدما لاحقت المقاتلات اليونانية الطائرات التركية مرات عدة خلال أغسطس الماضي فوق بحر إيجة.
ورد أردوغان على الحوادث المتكررة ضد المقاتلات التركية، وذهب نحو مستوى بعيد في التصعيد، عندما حذر اليونان من أنها ستدفع “ثمناً باهظاً”، في حال واصلت انتهاك المجال الجوي التركي و”مضايقة” الطائرات التركية فوق بحر إيجة.
وعلى ذلك، ردت اليونان باتهام الطائرات العسكرية التركية بالتحليق فوق جزر يونانية قريبة من الحدود التركية. ويرتفع منسوب التوتر من خلال تسيير الدولتين لعدد كبير من الدوريات الجوية.
تهديدات أردوغان فتحت أبواب التوتر في المنطقة، ومع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ويكتسب توقيتها أهمية خاصة في وقت تشتد فيه أزمة الطاقة والغذاء بسبب أزمة روسيا وأوكرانيا، ومع تعاظم الدور التركي، في ما يخص الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، وبين روسيا والغرب في مسألة توريد الحبوب من أوكرانيا، أو في ما يخص إمداد أوروبا بالغاز الأذربيجاني والروسي.
القضية القبرصية والصراعات في بحر إيجة والهجرة السرية، عناوين أزّمت العلاقات بين أنقرة وأثينا منذ عقود عدة، وكادت أن تؤدي إلى مواجهات لا يحمد عقباها… فهل تنتهي قريبا ويتم التوصل لاتفاق ينهي الأزمة؟ أم تتصاعد الأمور إلى حد المواجهة؟