في خضم مواجهاتها مع الجيش الإثيوبي، اتهمت جبهة تحرير تيجراي إريتريا بالدفع بقوات في المواجهات ضدها، مما يعد مؤشر على أن النزاع بإقليم تيجراي شمالاً في طريقه للتمدد ليشمل أقاليم أخرى وفاعلين دوليين.
مفاجآت كثيرة وأسرار بشأن العمليات التي تمتد بالقرب من سد النهضة، حيث زادت التوترات خاصة بعد المزاعم بشأن تدخل قوات إريترية في النزاع.
ومع تجدد المواجهات في منطقة كوبو القريبة من سد النهضة، بات أمر العمل في السد مهدد بشكل كبير، أو على الأقل تلك المواجهات تؤثر بشكل مباشر على سير العمل هناك.
وفي هذا الصدد، يقول الصحافي الإريتري والباحث في شؤون القرن الإفريقي محمود أبو بكر: “الحرب في إقليم تيجراي لم تنتهِ بعد، تلك التحركات ستستنزف إثيوبيا، بخاصة أن جبهة التيجراي لديها خبرة كبيرة في مواجهات الشوارع لمدة 17 عاماً، حتى وصلت إلى السلطة، تالياً فإن لديها خبرة طويلة، ورصيداً نضالياً ممتداً يمكنها الاستعانة به، كما أن لديها مساندة شعبية معقولة داخل الإقليم”.
ويضيف أبو بكر: “إن استمرار المواجهات ستكون له انعكاسات إقليمية ودولية، وسوف يؤثر في الحكومة ومشروع سد النهضة، الذي يعد حلماً قومياً عند كل الإثيوبيين جميعاً، إلا أن تلك التحركات قد تؤخر استكمال منشآت السد، وربما تؤجل عمليات الملء المتبقية”.
ويرى أبو بكر أن “آبي أحمد قد يسعى لاستكمال المشروع كي يحظى بتأييد داخلي، بعدما تأثرت شعبيته كثيراً في الآونة الأخيرة، لكن هل تسمح قدراته بذلك؟ لا اعتقد أنه سيستطيع السير في الحرب والبناء في الوقت ذاته، لأن الموارد محدودة”.
وبغض النظر عن خلافات أسمرا وأديس أبابا، إلا أن التيجراي يمثلون العدو الأكبر للإريتريين، الذين لم ينسوا معركتهم ضد إثيوبيا عندما كان التيجراي على رأسها، لذلك ليس من مصلحتهم عودة التيجراي مجدداً إلى الحكم.
وتحرك التيجراي غرباً نحو مدينة حميرا، يعني إمكانية تدفق مختلف الدعم اللوجستي والعسكري وحتى البشري من اللاجئين التيجراويين الذين فروا إلى السودان، ومن الدول التي لها مصلحة في إشغال إثيوبيا بمشاكلها الداخلية.
وتحاول أديس أبابا، توجيه أصابع الاتهام نحو السودان، وبدا ذلك جلياً عندما أعلنت إسقاطها طائرة محملة بمعدات عسكري كانت قادمة من الأجواء السودانية وهو ما نفته الخرطوم بشدة.
فالخلاف السوداني الإثيوبي يتعمق حول أكثر من ملف على غرار سيطرة ميليشيات أمهرية على أراضي الفشقة السودانية، وأزمة سد النهضة.
ولكن ما تخشاه كل من إثيوبيا وإريتريا، وصول تيجراي إلى الحدود السودانية ما يجعل تحالفهما ضرورياً. وهذا ما يفسر زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، رفقة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، لجوبا، عاصمة دولة جنوب السودان، في 6 مارس الماضي.
فما يجمع الدول الثلاث أنها تشترك مع السودان بحدود طويلة، وعقود من النزاعات والأزمات. فبكل هذا التعقيد هل ستكون البلاد بحاجة لعملية سياسية جديدة لاحتواء الموقف؟