مئات الرهائن تحت رحمة خاطفين خارجين عن القانون، وأكبر منشأة جزائرية للطاقة عرضة للاستهداف، وشروط صعبة وغير قابلة للتفاوض، وضغوط من الغرب لحماية رعاياهم، والجيش الجزائري لا يعلم ماذا يفعل، تلك كانت حادثة عين أميناس فما قصتها؟
في 16 يناير عام 2013، قامت مجموعة من الخارجين عن القانون بالهجوم على حافلة أثناء استعدادها للمغادرة من موقع لمنشأة للغاز في بلدة”تيقنتورين” بولاية إليزي جنوب شرق الجزائر، إلا ان الهجوم فشل، لتقرر المجموعة التوجه إلى منصة للغاز تسمى الحياة، ويهجمون عليها، ويحتجزون 650 شخصا كرهائن بينهم 573 جزائريا و132 من جنسيات أخرى يعملون في حقل استغلال الغاز، وقامت المجموعة المسلحة بعد ذلك بفصل الرهائن الجزائريين عن الأجانب ووضعهم في أماكن مختلفة عن بعضهما.
لتتحول أنظار العالم نحو عين أميناس، فحياة الرهائن في خطر، وأكبر منشأة جزائرية للطاقة قد يتم استهدافها، وتزاحمت الأسئلة في وسائل الإعلام العربية والغربية عن هوية الخاطفين ومطالبهم، وكيف سترد الجزائر على ذلك الاستهداف؟
وتمر ليلة عصيبة على العالم والتي لم تنم فيها الجزائر، ليخرج شخص في اليوم التالي ويعرف نفسه عبر مقطع فيديو بانه مختار بلمختار المكنى بأبو العباس، أمير كتيبة الملثمين، ويعلن تبينه الهجوم هو وجماعته، ويعلن استعداده للتفاوض مع الدول الغربية والنظام الجزائري، لكن بعدة شروط وهي وقف ما وصفه بالعدوان على الشعب المالي المسلم في إقليم أزواد الذين أعلنت مجموعة فيه التمرد على حكومة مالي، ما أدى إلى التدخل الفرنسي في البلاد، وأوضح زعيم الجماعة خلال مقطع الفيديو ان عدد الخارجين عن القانون الذين ينفذون الهجوم 32 شخصا من جنسيات مختلفة، وان العملية تأتي بدافع الانتقام من النظام الجزائري الذي طالبه بالإفراج عن 100 من المسجونين المتطرفين في سجونه، كما هدد بإنهاء حياة المخطوفين وتدمير الموقع في حال عدم تنفيذ مطالب الجماعة.
وفي تلك الأثناء توجهت الأعين على الجزائر لترى كيف ستتعامل مع الموقف والشروط المطلوبة، ليأتي الرد سريعا من وزير الداخلية الجزائري “دحو ولد قابلية” الذي أكد على ان بلاده لن تتفاوض مع تلك الجماعة ولن تلبي مطالبهم أيضًا.
لتقلق دول الغرب بعد تلك التصريحات على رعاياها الرهائن في الجزائر، ليقوم الجيش الجزائري برد فعل سريع حيث شن الجيش هجوما على مواقع اختطاف الرهائن، في لحظات حبست أنفاس الجزائريين والعالم، تمكن الجيش خلالها من إنهاء حياة جميع الخاطفين، لكن نهاية المشهد لم تكن سعيدة، فهناك 23 رهينة لقوا حتفهم أثناء عملية التحرير معظمهم من الأجانب.
وأثارت العملية التي نفذتها القوات الخاصة للجيش، لتحرير الرهائن انتقادات وجدلا واسعا خاصة من وسائل الإعلام الغربية بسبب حصيلة الضحايا من الرهائن، وبدأت وسائل الإعلام في تقييم ردة فعل الجزائر وعما إذا كانت قد تسرعت في اتخاذ ذلك القرار ، لتنقسم الأراء حيث رأت فرنسا أن ما فعلته الجزائر ملائم في حين حملت بريطانيا والولايات المتحدة المجموعة الخارجة عن القانون مسؤلية الحادث، وأيد الجزائريون في تلك الفترة جيشهم ورأو في عمليته ردا حازما على التطرف في أراضيهم.