«شعب يكافح من أجل لقمة يسد بها رمقه ورئيس غارق في أحلام السلطة والثروة والنفوذ».. هكذا كان حال الشعب السوداني إبان فترة حكم رئيسه المعزول عمر البشير الذي لطالما استعرض ما وصفه بمواقف وطنية اعتبرها مؤيدوه شجاعة ضد مطالب تسليمه إلى الجنائية الدولية. لكن ما هي حقيقة بطولة البشير وثروته التي ظلت مسارا للجدل حتى بعد عزله من الحكم.
البشير صرح قبل عشر سنوات من عزله شعبيا وقانونيا من منصبه بأن «الفقراء هم الأكثر تضررا من الأزمة العالمية»، لكن الفقراء في بلاده لم يكونوا على علم بما جناه رئيسهم من ثروة ومال تجعل تصريحه بشأنهم مجرد استعراض خطابي مفضوح أمام الأموال التي تم اكتشافها عقب رحيله عن حكمٍ كان بالنسبة للبشير مصدرا للبن الثروة وعسلها.
فالرئيس الذي طالما تحدث أمام شعبه عن الفقراء والعوز والدفاع عن المحتاجين هو ذاته الذي استحوذ على ما أراده من الثروة بل إنه حاول إخفاء أمواله بكل الطرق عساه أن ينجو من فضيحة محتملة حال ترك الحكم.. وصدق ظن البشير بحق نفسه، فما أن ترك الحكم حتى بدأت أوراق السرية تتهاوى عن سياج ثروته المنيع.
الكارثة المتعلقة بثروة البشير كفتها هذه المرة صور المركبات المخبأة في إحدى المزارع المهجورة في مدينة كارس التركية، وذكرت تقارير لاحقة أن تلك السيارات تعود إلى قيادات – لم تسمهم – في الحكومة السابقة من رجال الرئيس السوداني المعزول عمر البشير.
يتزامن اكتشاف السيارات المكتشفة في المزرعة التركية، مع إجراءات قانونية عالية المستوى تقوم بها السلطات السودانية بشأن تتبع ثروة البشير وإعادتها إلى الشعب الذي ثار ضده، وتتضمن الإجراءات القانونية السارية بحق الرئيس السوداني المعزول مصادرة الشركات والممتلكات التي تعود ملكيتها إلى البشير ورجال نظامه، خصوصا بعد أن تبين أن ما لديهم من أموال لا يتناسب مع مصادر دخولهم السابقة والحالية.
زاد الجدل بشأن صور السيارات المشار إليها والتي تم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن بعض المختصين بالفن قالوا إن تلك الصور تعود إلى تصاميم رقمية نشرها فنان إيطالي في حسابه الشخصي على إنستغرام، وهي عبارة عن صور لسيارات فخمة يكسوها غبارٌ كثيف
وأيا كانت حقيقة صور السيارات المتداولة والتي أضرمت عاصفة من الجدل بشأنها ما بين اتهامات جديدة ضد البشير ورجال نظامه، وبين ردود تؤكد أنها صور لأعمال فنية، لكنها لن تترك الجدل السياسي في السودان دون تأثر بما يتم تداوله عن ثروة البشير خصوصا وأنها ليست المرة الأولى التي يدور فيها جدل حول مصادر ثروته هو ورجال نظامه.
ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي تثار فيها اتهامات بشأن ثروة البشير خصوصا وأن الرئيس السوداني السابق متهم فعليا في العديد من القضايا التي تم تأسيسها قانونا على استغلال السلطة والنفوذ في بلد قاسى أبناؤه الأمرين في الحصول على الحد الأدنى اللازم للمعيشة وسط أجواء اقتصادية كان نظام البشير السبب الرئيسي في المعاناة الناتجة عنها والأوضاع التي قادت إلى ثورة وحدت أطياف الشعب السوداني كافة على مطلب واحد وهو إقالة البشير.
فهل يتمكن السودانيون من استعادة ثروتهم المنهوبة من نظام نجحوا في إقصائه ولا زالوا يعالجون تداعيات ما لحق ببلادهم بسبب أخطاء البشير التي لن يغفرها التاريخ.