عناصر بشرية غريبة عن البيئة والنظام والثقافة وأحياناً الدين، وتتوغل بحكم عملها داخل المنازل إلى أدق خصوصيات تلك الأسر، بل وتمتلك مفاتيح الرضا والغضب لتلك النفوس.. لكن ما فعلته خادمة فلبينية في أسرة أردنية لم يرد على عقل بشر، خاصة عندما يكون الأمر متعلق بفتاة جميلة لم يزيد عمرها عن العامين؟ ترى ما حدث وماذا كان حكم القضاء؟
في واقعة هزت المجتمع الأردني في الآونة الأخيرة، وقعت خادمة أردنية في المحظور بعد أن مضت عدة شهور على تعايشها مع أسرة أردنية، تدرك مداخلهم ومخارجهم ونقاط قوتهم وضعفهم.. لكن ما فعلته كان غريبا على كل عاقل أن يستوعبه خاصة حينما يتعلق الأمر بفتاة لا تتجاوز عمرها العامين، لترحل على يديها بعد أن فقدت الخادمة أبسط معاني الإنسانية.
لكن سريعا جاء رد القضاء الأردني حاسما وحازما ليُصدر حكمًا نهائيًا على السيدة الفلبينية التي أنهتا حياة فتاة لم تتجاوز العامين من عمرها، لتخون أمانة الأسرة التي أدخلتها بيتها واستأمنتها على فتاتهم الصغيرة لتقوم برعايتها في منزلها بسبب ظروف عائلتها العملية.
بدأت القصة حينما أنجبت سيدة فلبينية من زوجها الأردني فتاة، إلا أن طبيعة حياتهما العملية، وسفر الزوج المستمر، إلى جانب ظروف عمل الأم، لتقرر البحث عن خادمة بالمنزل، وأخيرا فضلت استقدام فلبينية مثلها للعمل لديها وتوكل إليها مهمة تربية ورعاية ابنتها التي لم تتجاوز العامين، وذلك مقابل أجر شهري قدره 120 دينارًا أردنيًا، لكن ثقتها فيها لم تكن في محلها.
إذ أساءت الخادمة الفلبينية معاملة الصغيرة، فقد كانت تمارس ضدها تصرفات غير طبيعية، أسفرت عن رحيل الفتاة الصغيرة في النهاية.
وقالت محكمة التمييز الأردنية، إن أفعال المتهمة شكلت سائر أركان وعناصر الجناية، مشيرة إلى إن قرار محكمة الجنايات الكبرى جاء مستوفيا للشروط القانونية جميعها واقعة وتسبيبا وعقوبة.
أشارت المحكمة أيضًا، إلى أن الطفلة ولدت في عام 2018 ، لكن لم يتم تسجيلها في القيود الرسمية حتى لحظة رحيلها.
كما أكدت أن والدتها لم تراها منذ عام 2020، وهو عام رحيلها ذاته، حيث كانت تكتفي فقط بالاطمئنان عليها إما بالهاتف أو بالزيارات من وقت إلى آخر، وهو ما كان سببًا رئيسيًا لأن تقوم الخادمة بإجراء كل تلك الممارسات غير الطبيعية ضدها، لعلمها بأن والديها من الصعب أن يحضروا إليها في تلك الفترة.
ولم يشفع سن الطفلة لدى تلك المرأة بأن تقف ما تمارسه عليها، حتى أن الأمر وصل بها لأن تقوم بتصويرها أثناء تلك التصرفات وهو ما عثرت عليه الشرطة الأردنية ضمن الأدلة.
وفي 2020، قامت السيدة بإنهاء حياة تلك الفتاة خلال ما أسمته بمحاولة تهذيبها من أجل تربيتها، لكن جسد الفتاة البالي لم يتحمل كل ذلك فسقطت على الأرض فاقدة للوعي.
وبعد عدة محاولات من الخادمة بإيقاظها، باءت جميعها بالفشل، قامت بالاتصال بأحد معارفها وطلبت منه إسعافها للمستشفى، وهناك تبين أن الطفلة قد رحلت.
وبيّن قرار المحكمة أيضًا، أنه وخلال فحص جسد الفتاة، تبين وجود آثار للتعنيف في منطقة الوجه والأطراف تتفق مع الارتطام بجسم صلب راض وتورم بمنطقة الدماغ.
وفي الختام.. أطفالنا كنز وهدايا منحنا الله إياها، فلا يجب أن نأتمن غيرنا على تلك الكنوز، أو نوكّل مهام تربيتهم والعناء بهم لأغراب، فإن لم يصل الأمر كما وصل بتلك الواقعة، فلن تضمن كيف سيتصرفون هؤلاء مع أبنائك وما مردود ذلك على حالتهم النفسية ومستقبلهم.