لم يمر سوى يوم واحد على الإعلان عن رسالة مصر التي وجهتها إلى مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، إلا وفاجأتنا إثيوبيا بتحرك أحادي جديد ألا وهو الإعلان عن تشغيل التوربين الثاني، وبالرغم من هذا الإعلان فوجئنا بتحرك غريب من آبي أحمد للتقرب من الرئيس السيسي… فما القصة؟
بعد وقت قصير من الإعلان عن تشغيل التوربين الثاني لإنتاج الكهرباء من سد النهضة وجه رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد رسالة عاجلة إلى كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان.
رسالة تبدو غريبة خاصة وأنه يدعو فيها كل من الرئيس السيسي والبرهان إلى العودة إلى الحوار باعتباره الحل الأمثل للعمل فيما يفيد الأطراف كافة بشأن ملف سد النهضة.
وقال إن بلاده أوضحت أكثر من مرة لدولتي المصب عدم نية بلاده لإلحاق ضرر بهما وأشار إلى أنه تم تشغيل التوربين الثاني بعد تخزين 22 مليار متر مكعب من المياه في عملية الملء الثالث ومع ذلك لم يحدث أي انخفاض للمياه تجاه دول المصب.
ولا تزال مصر والسودان تتمسكان بالوصول إلى اتفاق قانوني ملزم تزامنا مع فصل الخريف الذي تبدأ فيه أثيوبيا عمليات ملء السد.
وتتوارد أنباء غير مؤكدة عن اكتمال وإعلان عملية التعبئة الثالثة خلال الأيام القادمة.
وأعربت الخارجية المصرية نهاية شهر يوليو الماضي عن رفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة من دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل السد وذلك في خطاب وجهه وزير الخارجية سامح شكري إلى مجلس الأمن الدولي.
كما حذرت مصر في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي من خطورة القرار الانفرادي لإثيوبيا وأعربت مصر عن قلقها البالغ من أن معظم صور الأقمار الصناعية الأخيرة تظهر وجود شقوق تمتد في الواجهة الخرسانية للسد الفرعي المرتبط بسد النهضة.
واعتبر الوزير المصري استمرار إثيوبيا في ملء السد مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015 وانتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولي التي تلزم إثيوبيا بوصفها دولة المنبع بعدم الإضرار بحقوق دول المصب.
وأشار شكري إلى أن مصر قد سعت خلال المفاوضات التي جرت على مدار السنوات الماضية للتوصل لاتفاق عادل ومنصف حول سد النهضة.
وتتهم مصر إثيوبيا بانتهاك الاتفاق الأولي الموقع بين الدول الثلاث عام 2015 ويحظر على أي منها اتخاذ إجراءات أحادية الجانب في استخدام مياه النهر.
ويثير السد الذي يتوقع أن يكون أكبر مشروع في إفريقيا لتوليد الكهرباء من المياه خلافا إقليميا منذ أن أطلقت إثيوبيا المشروع في 2011.
وتتخوف دولتا المصب جارتا إثيوبيا مصر والسودان من تداعيات السد على أمنهما المائي فيما تشدد أديس أبابا على أهميته لتوليد الكهرباء والتنمية ومصر ليست ضد مشروع سد النهضة بشرط إلا يمس حصة مصر من مياة النيل.
هذا هو الموقف الثابت لمصر من أزمة سد النهضة..قول واحد لا فصال فيه قالها الرئيس السيسي في أكثر من مناسبة بل وحرص على أن يقولها رئيس الوزراء الأثيوبى آبي أحمد أمامه وأمام الشعب المصري كله، حين زار مصر ووقف في مؤتمر بالاتحادية مقسمًا أنه لن يضر بمياه مصر جراء سد النهضة.
ورغم انخراط مصر والسودان في كل الجولات التفاوضية بحسن نية وتجاوب بغية التوصل إلى اتفاق عادل يحفظ حقوق الدول الثلاث.
إلا أن أديس أبابا كانت تفاجئ الجميع برفض إلى حلول بل أنها تمادت في التشدد.
إلى حد القول تصريحا إلى أنها صاحبة السيادة على مياه النيل في مغالطة سافرة للقوانين والاتفاقيات الدولية المنظمة وتحد واضح للدول المصب وأفشلت كل المفاوضات بسسب هذا التعنت.
فكيف يدعو للحوار مجدداً؟