ماذا ارتكب الصغار والنساء العُزَّل حتى يضيع أمنهم بتلك الطريقة. وكيف لا يراعي جيش ذو سمعة الضوابط الأخلاقية في التعامل مع مواطنيه، إن كان ذلك النظام يعترف بهم أصلا كمواطنين.
وصل النظام الإثيوبي بقيادة آبي أحمد، إلى قناعة بأنه ما من سبيل أمامه لاحتواء إقليم تيجراي سوى استخدام القوة المفرطة والمواجهات السريعة. لكن ذلك النظام قد غاب عنه أن تنفيذ تعليماته الصادرة إلى الجنود بالمواجهة المباشرة دفع الجنود إلى عدم التفريق بين مدنيين وغير مدنيين وأن حدوث تجاوزات في ذلك الإقليم سيكون حال التدخل بالقوة أمرا واقعا لا محالة.
ضرب الجيش الإثيوبي باتفاقية السلام الموقعة بشأن إقليم تيجراى عرض الحائط وكانت التعليمات الواردة إلى القادة الميدانيين اعتبار بنود تلك الاتفاقية حبراً على ورق، وسط إجراءات تعتيم تضمنت عدم وجود مصورين تابعين لأي قنوات أو وسائل إعلام أجنبية أو محلية.
أسلوب التعتيم في العمليات التي يباشرها الجيش الإثيوبي في إقليم تيجراي ليس بالأمر الغريب على القوات الحكومية الإثوبية حيث تحرص أديس أبابا على عدم صدور أية تقارير حقوقية تدين الافعال التي يقوم بها النظام الإثيوبي في تيجراي، وسبق للحكومة الإثيوبية أن طردت مسؤولين أممين أبدوا ملاحظات على أوضاع إقليم تيجراي.
طالت إجراءات الاعتقال خارج إطار القانون التي قام بها الجيش الإثيوبي ثلاثمائة شخصا في إقليم تيجراي لم يتبين حتى الآن وجود نساء بينهم من عدمه وسط مخاوف حقوقية بشأن وجود اعتداءات على النساء في الإقليم، بالتزامن مع نشر القوات الحكومية العديد من مراكز الاحتجاز في مدينة شاير في ذات الإقليم.
الفظائع التي قام بها الجيش الإثيوبي في تيجراي لم تقف عند حد الاعتقال وإنما شملت عمليات سلب ونهب للممتلكات قام بها الجنود بزيهم العسكري، مما تسبب في حالة خوف لدى الصبية والنساء في الإقليم.
أفعال الجيش الإثيوبي في تيجراي أثبتت مجدداً أن أي اتفاق للسلام بشأن الإقليم لا موقع له من الإعراب في معادلة السيطرة التي يدير بها آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي ذلك الملف الشائك. حيث لم يحصد سكان إقليم تيجراي من اتفاق السلام سوى كمية أدوية تم وصولها عبر الصليب الأحمر إلى منطقة ميكيلي.
وكان اتفاق السلام الذي مزقه الجيش الإثيوبي تم توقيعه في الثاني من نوفمبر الجاري، تضمَّن نصا واضحا على نزع القوة من جبهة تحرير شعب تيجراي مع ضمان استمرار وصول المساعدات إلى المناطق التي تشهد أوضاعا إنسانية مضطربة.
ولطالما شددت جبهة تحرير إقليم تجيراي على أن «نزع الآليات الثقيلة من جبهة تيجراي مرتبط بانسحاب القوات الإريترية والأمهرة من الإقليم وتحميل السلطات الإثيوبية المسؤولية الفيدرالية عنه» يُعدًّ أولوية أولى حال رغبت جميع الأطراف في الوصول إلى اتفاقية سلام ملزمة بشأن إقليم تيجراي.
مسؤولو إقليم تيجراي يرون أن الحديث عن نزع آلياتهم العسكرية، لا جدوى طالما استمرت القوات الإريترية والأمهرة تتعامل بالقوة العسكرية الغاشمة مع الإقليم بأسلوب طال أمن وسلامة الصبية والنساء..
ويرى سكان الإقليم أن النظام الإثيوبي يريد نصب كمين محكم لقوات تيجراي بإصراره على إبرام اتفاق لنزع القوة من الإقليم دون وجود قوة محايدة على الأرض تضمن لسكان إقليم تيجراي عدم الغدر بهم وتعرضهم للسلب والنهب.
ويبدو أن توقعات سكان إقليم تيجراي وجدت لها صدى على أرض الواقع بعد أن أثبت الجيش الإثيوبي أن الاتفاق الذي وقع عليه نظام آبي أحمد كان «مصيدة» للإقليم ومهَّد لاعتداءات ونهب الممتلكات في ظل غياب آليات الرصد الحقوقي لأوضاع الإقليم المغلوب على أمره.