على الرغم من مرور ما يقرب من شهر على زلزال تركيا الأسود الذى تسبب في خسائر بالمليارات من الناحية الاقتصادية بالإضافة إلى آلاف الضحايا وعشرات الآلاف من المنازل المنهارة إلا أن ارتباطه بالتسونامي هو الأخطر الأكبر الذي يتحسب له الملايين بعد تراجع مياه المتوسط 10 الأمتار لسبب مجهول.. ماذا يحدث في المتوسط؟
أكد عدد من الخبراء أن تراجع مياه البحر المتوسّط فى عدة سواحل بالتزامن مع اندلاع زلزال 6 فبراير فى تركيا وسوريا، ظاهرة معتادة.
وقال هؤلاء الخبراء إن هذه الظاهرة الطبيعيّة مرتبطة بحركة المدّ والجزر، وذلك ردا على منشورات على مواقع التواصل الاجتماعى وصفت الأمر بأنه “غامض” وربطته بزلزال تركيا المدمر..
وتضمنت المنشورات المتداولة صوراً لشواطئ تراجعت المياه عنها، من بينها شاطئ مدينة سيدى إفنى فى جنوب المغرب، والذى انكشفت مساحات كبيرة من رماله بفعل تراجع مياه البحر ما جعل منشأة تيليفيريك قديمة تظهر بشكل كامل.
وتناولت منشورات صورا لتراجع لمياه البحر فى لبنان ومصر وفلسطين، وكذلك تراجع منسوب البحر فى السواحل الإيطالية وجفاف الأنهار فى البندقية، معتبرة الأمر “ظاهرة غريبة” تنذر “بحدوث شئ ما” وقال البعض إنها إشارة لحصول موجات مدّ بحريّ “تسونامى”.
لكن التراجع الأخير للبحر فى بعض السواحل ظاهرة طبيعيّة مألوفة تسبّبت فيها عوامل عدّة يشرحها الخبراء. ويحدث المدّ حينما يرتفع منسوب المياه فى المحيط والسواحل. وحينما ينخفض منسوب المياه ويتراجع فى الشواطئ يحدث ما يسمى بالجزر أو المدّ المنخفض.
ويقول الحسين يوعابد رئيس مصلحة التواصل فى المديريّة العامّة للأرصاد الجوية فى المغرب لوكالة فرانس برس إن المدّ والجزر ظاهرة طبيعيّة “تحدث نتيجة قوى الجذب من القمر والشمس، التى تؤثر على مياه البحار والمحيطات”.
ويضيف يوعابد “يكون تأثير جاذبية القمر أكبر نتيجة قربه من الأرض”، وإن كانت الشمس والقمر والأرض على الخط المستقيم نفسه يؤدى ذلك إلى ظاهرة المدّ الكبرى، ومنها حركة المدّ والجزر الربيعية.
إضافة إلى ذلك، تؤثّر عوامل أخرى فى حركة المد والجزر كالضغط الجوى وعمق المياه وشكل السواحل. ويؤكد الحسين يوعابد أن ما شهدته بعض السواحل ومنها ساحل سيدى إفنى من تراجع لمنسوب المياه هو أمر طبيعى و”ليس ظاهرة غريبة ولا استثنائية”.
ويقول “فى ما يتعلق بمدينة سيدى إيفنى، التى يحدث فيها المدّ والجزر مرتين فى اليوم الواحد كسائر الشواطئ المغربية، ليست هذه المرة الأولى ولا الأخيرة التى يصل فيها مستوى سطح البحر إلى ذلك المستوى المنخفض”.
ويعزو الحسين يوعابد مستوى الجزر المنخفض الذى سُجّل على البحر الأبيض المتوسط فى خلال الأسبوع الثانى من فبراير2023، إلى ظاهرة الجزر الفلكية ويضيف إليها “تأثير الضغط الجوى الذى شهد ارتفاعاً .
وعمّ هذا الضغط جزءاً كبيراً من منطقة البحر الأبيض المتوسط مما أدى إلى تقليص مستوى سطح البحر بحوالى 22 سنتيمتراً، وفقاً للخبير.
فى هذا السياق، يقول ألفيس بابا المسؤول عن مركز مراقبة حركة المد والجزر فى البندقية لوكالة فرانس برس إن الجَزر الذى شهدته أنهار البندقية وتسبب بجفافها هو “أمر عادى تماماً”.
ويضيف “حوالى 70٪ من ظاهرة الجَزر تحدث على وجه التحديد خلال هذه الفترة، من يناير إلى فبراير”.
ويؤكد ألفيس بابا أن الأمور ستعود إلى شكلها الطبيعى”. وتؤيّد ذلك كلير فرابول رئيسة قسم المدّ والجزر والرياح فى مصلحة علوم المحيطات والمياه البحرية بفرنسا، معتبرة أن تراجع المياه فى البحر الأبيض المتوسط مؤقّت.
وتقول لفرانس برس “إنها ظاهرة موسميّة لتقلّص الكتلة المائية، مرتبطة بانخفاض درجات الحرارة فى الشتاء، ممّا يؤدى إلى انخفاض مستوى سطح البحر”. وتضيف أن هذا التقلّص الطبيعى هذا العام اقترن بتشكّل “إعصار قوى مضاد”.
وبحسب المركز الوطنى للإنذار بأمواج المدّ البحريّ “تسونامى، “يحدث تسونامى بسبب زلزال تحت الماء بقوة 6.5 درجات على الأقل. وابتداءً من 8 درجات يمكن أن يكون المدّ البحرى المتولّد مدمّراً”. فى معظم الحالات، “يسبق الموجة الأولى للتسونامى انخفاض سريع فى مستوى سطح البحر”.
وفى هذا السياق تؤكد عالمة الرياضيات التطبيقيّة سيلفى بينزونى-غافاج أنه “لو كان من الممكن أن يتشكّل تسونامى عقب زلزال تركيا وسوريا، لوقع ذلك منذ وقت طويل”، أى بعد الزلزال مباشرة.