كأنه مشهد يوم القيامة.. يفر الناس وهم في صدمة من مياه الفيضان وسط الظلام حفاة ومذعورين.. ضحايا ومفقودون وسط صرخات استغاثة وبكاء وعويل على الأطلال والركام والدمار.. هكذا واجهت إحدى المناطق الإيطالية حالة من الفزع بعد هطول أمطار غير مسبوق بمنطقة “إيميليا رومانيا” في الشمال الإيطالي.. ما سبب هذا الكارثة الطبيعية المخيفة؟ وما تداعياتها؟ وما مستقبل العيش في إيطاليا مع تواصل عمليات الإجلاء الواسعة؟
رحيل تسعة أفراد في حصيلة أولية بمنطقة “إيميليا رومانيا” بشمال إيطاليا، بعد أن أدى هطول الأمطار الكثيف أمس الأربعاء، إلى حدوث فيضانات أغرقت العديد من الأحياء والرقع الزراعية.
أدى ذلك أيضًا لإعلان السلطات الإيطالية إلغاء سباق السيارات الشهير “فورمولا وان” الذي كان معدًا له الانطلاق بنهاية الأسبوع الجاري؛ لعدم استطاعة المنظمين من ضمان سلامة حياة المشاركين بهذ السباق.
كل تلك التطورات المؤسفة دعت أحد المسؤولين الإيطاليين للقول بأن تلك التغيرات المناخية المفاجئة كأنها “نهاية العالم”.
عشرون نهرًا جرى بهم الفيضان الكارثي بعد انهمار الأمطار بغزارة على سهول المنطقة الإيطالية، لتغمر المياه الهادرة مساحات كبيرة من الأماكن وتسببت في إجلاء آلاف السكان.
“جاثية على ركبتيها.. ومدمرة وتتألم”.. هكذا جاء وصف جيان لوكا زاتيني رئيس بلدية مدينة فورلي المجاورة، جنوب شرق العاصمة الإقليمية بولونيا، لمدينته.
وتمكنت السلطات من انتشال ضحيتين في مدينة “فورلي” أمس، ضمن عملية إنقاذ كبيرة تساهم فيها جميع أجهزة الطوارئ في البلاد والجيش إضافة إلى ما يزيد على ألف من المتطوعين.
المشاهد المنقولة من تلك المنطقة مؤلمة وحزينة؛ حيث تظهر بعضها جهات إغاثية تجاهد لحمل السكان الذين يتم إجلاءهم في الشوارع التي أغرقتها مياه الفيضان وتأمينهم بوضعهم على متن قوارب مطاطية. ورغم ذلك مياه الفيضان الهادر ما تزال تندفع عبر أزقة بولونيا التي تعتبرها منظمة يونسكو ضمن “التراث الإنساني”.
لقطات أخرى أظهرت عمال إغاثة بمروحية يحاولون إنقاذ شخصين طاعنين في السن من على سطح منزلهم الذي وصل منسوب مياه الفيضان به لدرجة غطى بها نوافذ المنزل.
هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المناطق الإيطالية هذا العام لمثل هذه الكوارث الطبيعية، فقبل نحو أسبوعين تعرضت منطقة إيميليا رومانيا، لسيل من الأمطار أدى إلى مصرع اثنين من المواطنين.
ما يعكس حجم الخراب الهائل تصريح وزير الحماية المدنية الإيطالي نيلو موسوميتشي، بأن حوالي 50 سنتيمترًا من مياه المطر هطلت في 36 ساعة بـ فورلي وتشيسينا ورافينا، وهو ما يعني قرابة نصف كمية الأمطار السنوية المعتادة، في سابقة غير معتادة بالبلاد.
الحكومة الإيطالية تحاول انتشال مواطنيها من هذه المواقف التي تشبه “يوم القيامة، بشتى الطرق، كما قررت توجيه 20 مليون يورو إلى جهود الإغاثة وتقديم المساعدات الطارئة.
في العموم أجليت السلطات نحو عشرة آلاف شخص من بيوتهم، منهم ثلاثة آلاف من بولونيا وخمسة آلاف من رافينا، بينما ما زال نحو خمسة آلاف شخص، يعانون من انقطاع الكهرباء، بعد انقطاعها عن 50 ألفًا.
الأمطار الغزيرة غير المسبوقة في تلك المنطقة الإيطالية تأتي بعد جفاف ضرب مناطق عدة بشمال إيطاليا خلال شتاء 2022، بعد شح للأمطار خلال فصل الصيف دمر المحاصيل الزراعية، إضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة في عدد من الدول الأوروبية أدى إلى نشوب سلسلة حرائق هائلة.