هل يمكنك قضاء أغلب فترات يومك محبوسا بداخل جهاز حديدي ضخم؟ فما بالك بشخص عاش أكثر من 60 عاما محبوسا داخل هذا القفص المرعب، بالطبع هي تجربة شاقة ! ولكن يبدو أن شخص واحدا، يدعى بول ألكسندر، قد اعتاد عليها تماما بل وتعايش معها فما هي حكاية بول؟
إنه أمرا مرهقا وشاقا وليس تجربة ممتعة أبدا على الإطلاق، لكن ما السبب الحقيقي الذي جعله محبوسا داخل هذا القفص الغريب، وماذا حدث عندما قرر الخروج؟ تعد قصة بول من القصص العجيبة، والتي يصعب تصديقها.
في صيف عام 1952، انتشرت عرَض غريب في أمريكا يدعى بوليو، أصاب الصغار لدرجة أن الحكومة الأمريكية، أمرت بإغلاق حمامات السباحة ودور السينما، ولم يجدوا لهذه الجائحة أي تفسير، وكانت تصيب الجهاز التنفسي.
وقامت الحكومة بتطهير الشوارع للحد من انتشاره، وفي ولاية دالاس الأمريكية، كان يعيش بول البالغ وقت ذلك ست سنوات
وكان يلعب في الخارج مستمتعا، وفجأة سقط على الأرض.
وعلم أهله إنه أصيب بهذه الجائحة، التي هاجمت رئتيه، وعلى مدار الأيام التي تلت ذلك ساءت حالة بول، وأصبح غير قادر على الحركة.
وفي المستشفى حاولوا إنقاذه، فوضعوه داخل اسطوانة، بداخل جهاز تنفس اصطناعي غامض، يشار إليه بالرئة الحديدية
يعتبر هو سبب بقائه على قيد الحياة طوال تلك الفترة، لمساعدته على التنفس، وذلك عبر خلق بيئة من الأكسجين حوله
تدفعه للتنفس بصورة شبه طبيعية.
وبعد عدة أيام اخرجوه وعاد إلى منزله، ولكن ساءت حالته مرة أخرى، وقضى 18 شهرا هناك، كانت الأسوأ في حياة بول
حيث أنه كلما كون صديقا كان يرحل عن الحياة.
واخيرا تعافى بول من الجائحة لكنه لم يتعافى من الشلل، الذي أصابه من رقبته لباقي جسده، واضطر لباقي حياته أن يعيش داخل هذه الأسطوانة للتنفس.
ولكن أصعب ما كان يواجهه بول، وقت فتح هذه الأنبوبة للإستحمام، فما نفعله نحن في دقائق، كان عذابا لبول
حيث يجب عليه أن يحبس أنفاسه طوال مدة فتح الاسطوانة،لحد شعوره بالاختناق.
كان يسمع الأطباء وهم يتوقعون رحيله كل يوم، حتى أتته أمه بطبيية أخرى، حاولت تشجيعه على التنفس خارج هذا الجهاز
وبعد جهد عام أصبح يستطيع حبس أنفاسه لمدة ثلاث دقائق فقط، بصعوبة شديدة.
لكنه لازال مضطر إلى النوم داخل هذا القفص الحديدي، لكن تخيل أن كل ذلك لم يمنعه من تحقيق حلمه، ففي سن 21 أصبح أول شخص يتخرج من المدرسة الثانوية دون الحضور الدراسي، وبشهادة امتياز.
وإلتحق بالجامعة ودخل كلية الحقوق، وتخرج منها، ولكن بدأ جهاز الرئة الحديدية في التلف وهو في الأصل جهاز قديم
تم إيقاف إنتاجه منذ عام 1960.
هنا لم يستسلم بول للظروف، بل لجأ إلى تسجيل فيديو قصير له، ونشره عبر موقع يوتيوب، قال فيه إنه قضي عمره معتمدا على جهاز الرئة الحديدية.والذي يحتاج لقطع غيار لم تعد تصنع منذ فترة طويلة، مطالبا أي شخص يعمل في تصليح الأجهزة بمحاولة إنقاذ الموقف.
وصل الفيديو بالصدفة لبرادي ريتشاردز، وهو مدير لأحد المختبرات البيئية الكبرى، والذي تمكن من تصليح الجهاز بمعمله
ليسترد بول فرص بقائه على قيد الحياة،بول البالغ من العمر 70 عاما، استمر على قضاء أغلب ساعات يومه ولمدة تبلغ 64 عاما، ليصبح واحدا من معجزات الحياة، والتي تجعلنا نعرف جيدا قيمة أبسط ما نفعله يوميا وبسهولة.