بعد أيام وساعات من القلق والغموض والترقب.. أخيرا اسدل الستار عن واحدة من اكثر العمليات دقة وتعقيدا والتى تمت بمتابعة مباشرة من القيادة السياسية في مصر وتنسيق متكامل بين القوات المسلحة المصرية وجهاز المخابرات العامة، فور اشتعال المواجهات بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع وسيطرة الدعم السريع على مطار مروي والذى يتمركز به عدد من الجنود المصريين تواجدوا فى السودان في اطار مهمة تدريب وفق بروتوكول موقع بين البلدين.. فكيف استعادت مصر جنودها من السودان في عملية فائقة التعقيد؟
على مدار الساعة منذ اللحظة الأولى لتداول مقاطع فيديو تشير إلى تواجد قوات عسكرية مصرية بمطار مروي السوداني، والذين كانوا في مهمة تدريبية مع نظرائهم السودانيين.. تم تشكيل خلية عمل بمتابعة على مدار الساعة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لكافة التفاصيل المتعلقة بإجلاء الجنود المصريين وضمان سلامتهم ووصولهم جميعا الى ارض الوطن في ظل حالة الاضطراب التي تشهدها السودان منذ أيام.
مصادر مطلعة كشفتها وسائل إعلام مصرية.. تشير إلى أن عملية إعادة الجنود المصريين لم تكن بهذه السهولة، في ظل تراشق الطلقات والدانات بين طرفي النزاع في السودان وهما القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بقيادة حمدان دقلو..
لكن مصادر متواترة أشارت إلى وجود تنسيق مصر مع الجانبين في السودان، إضافة إلى جهود إماراتية لإنهاء ازمة احتجاز جنود مصريين فى مطار مروى بعد وصول الدفعة الثانية من الجنود المصريين الى الخرطوم وتحديدا الى الملحقية العسكرية بالخرطوم .
حينها تمكن العدد الأكبر من الجنود المصريين من التعامل مع الموقف والافلات من الاحتجاز فى حين تم احتجاز مجموعة اخرى.
بمجرد ورود انباء الاحتجاز وفيما كانت القاهرة تواصل اتصالاتها المكثفة لمنع تصعيد الموقف فى السودان.. كانت الأجهزة المصرية تسابق الزمن وتعمل في صمت تام لاستعادة الجنود المصريين وضمان سلامتهم .
ويبدو أن الامر لم يمر بدون تنسيق متكامل بين الأجهزة المصرية التي لم تغفل للحظة عن دورها في تأمين آخر جندي مصري على أرض السودان.. فتمت العملية بتنسيق متكامل بين القوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة حيث وصلت 3 طائرات مصرية الى قاعدة دنقلة السودانية وتم اجلاء الجنود المصريين .
وعن تفاصيل العملية المعقدة أصدر المتحدث العسكري بيانات كشف تفاصيل تأميم الجنود المصريين حتى عودتهم بسلام.
وذكر المتحدث العسكرى أنه فى ضوء الأحداث الجارية بالأراضى السودانية وفى إطار جهود القوات المسلحة المصرية والتعاون الوثيق بين كافة الأجهزة الأمنية فى مصر والسودان لتأمين عودة القوات المصرية المشتركة فى التدريب المشترك مع القوات السودانية .
وكشف بيان المتحدث العسكري أنه تم الأربعاء ١٩ إبريل اتخاذ كافة اجراءات التنسيق اللازمة مع السلطات السودانية لهبوط عدد ٣ طائرة نقل عسكرية من القوات المسلحة المصرية فى إحدى القواعد الجوية بالأراضى السودانية للقيام بمهمة إخلاء القوات المصرية فى ظل إجراءات تأمين شامل للقوات والإقلاع من الأراضى السودانية عبر ٣ رحلات متتالية لمعظم عناصر القوة المصرية والعودة بهم إلى إحدى القواعد العسكرية المصرية بالقاهرة .
المتحدث العسكري كشف أيضا أنه تم في صباح اليوم الخميس ٢٠ أبريل وبالتنسيق مع الجهات السودانية المعنية والدول الصديقة والشقيقة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسودان تأمين وصول باقى عناصر القوات المسلحة المصرية لمقر سفارة جمهورية مصر العربية تمهيداً لإتمام إجراءات إخلائهم من الأراضى السودانية فور إستقرار الأوضاع وتوفر الظروف الأمنية المناسبة لعودتهم لأرض الوطن .
وكشف القوات المسلحة على صحة وسلامة كافة العناصر المصرية التى وصلت إلى أرض الوطن وكذا المتواجدة بالسفارة المصرية بالخرطوم .
وفي سياق متصل أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا كشفت فيه تفاصيل العملية، مشيرة إلى نجاح الجهود التي قامت بها مصر بالتنسيق والتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة لتأمين سلامة باقى الجنود المصريين المتواجدين في جمهورية السودان لدى قوات الدعم السريع وتسليمهم إلى سفارة جمهورية مصر العربية في الخرطوم.
كمان كشف البيان عن دور قام بيه الصليب الأحمر الدولي في دعم عملية تأمين سلامة الجنود المصريين.
وذكرت وزارتا الخارجية بجمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أن هذه الخطوة تأتي في إطار موقف الدولتين الداعم للتهدئة عبر التواصل المستمر مع الأطراف السودانية لضمان ضبط النفس ووقف التصعيد والعودة للمسار السياسي.
بدوره، أعلن الجيش السوداني في بيان أنه تم إجلاء 177 جنديا مصريا من قاعدة مروي.
وأضاف أن عملية إجلاء الجنود المصريين تمت عبر طائرات عسكرية مصرية.
كما تابع أنهم كانوا يعملون ضمن أطقم فنية ببلاده بموجب بروتوكول تدريب مشترك..
وجاءت الاشتباكات مع تصاعد التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليا مع الأحزاب السياسية لإحياء التحول الديمقراطي في البلاد .. فمتى تنتهي ويعود الجميع لطاولة المفاوضات؟