أوصلت إثيوبيا دولتي المصب صاحبتا الحقوق التاريخية في نهر النيل، إلى عقيدة ركيزتها أنه ما من سبيلٍ إلى التفاوض المباشر مع أديس أبابا التي تواصل مخالفة الاتفاقيات المبرمة معها بشأن قواعد ملء سد النهضة.
منذ تجميد المفاوضات بين مصر والسودان من جهة وبين إثيوبيا من جهة أخرى حاولت أديس أبابا مرارا الوصول إلى اتفاق منفرد مع الجانب السوداني فيما تدرك الخرطوم أن سياق مساعي تأكيد حقها في مياه النيل يجب أن يتم بناؤه في إطار العلاقة مع دولة الجوار العربية ضمن مبادئ وحدة الجغرافيا والتاريخ والهوية المشتركة.
فرضت الدبلوماسية المصرية في مساعيها لإعادة تأكيد الحق التاريخي في مياه النيل فرضت موقفها في جميع المحافل والفعاليات الدولية وأرست مبادئها في سياق العلاقات المصرية بالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا والأطراف العربية الفاعلة.
تستثمر القاهرة علاقاتها الخارجية بناءً على سياسة تعدد العلاقات مع الأطراف كافة، في سبيل دعم قضاياها المصيرية وعلى رأسها قضية سد النهضة و تريد مصر حل القضية بكافة الطرق الدبلوماسية المشروعة دون الوصول إلى طريق مغلق مع الجانب الإثيوبي خصوصا وأن مصر لا تعارض أية مشروعات تنموية على مياه النيل شريطة التنسيق المتبادل بين الدول صاحبة المشاريع وبين القاهرة والخرطوم.
دأبت الإدارة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على إعلاء مبادئ الحوار وتقديم الطرق السلمية بديلا عن أية أساليب أخرى لاستعادة الحقوق لا ترجح القاهرة كفتها في إطار الظروف الدولية الراهنة وإن كانت مصر في الوقت ذاته قادرة على طرح جميع الخيارات إلا أنها لا زالت تُعلي صوت العقل وحكمة الدبلوماسية لعل لهذه النداءات في أديس أبابا مُجيب.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، يواصل مساعيه للحصول على إجماع دولي بشأن صحة موقف القاهرة وكان آخر تلك المساعي تأكيدات السيسي للرئيس الكرواتي زوران ميلانوفيتش الذي زار مصر مؤخرا بشأن الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل وعدم قبولها المساس بقطرة ماء من حقوق شعبها.
تناولت المباحثات بين الرئيس السيسي ونظيره الكرواتي كافة الأمور المتعلقة بقضية سد النهضة الإثيوبي في إطار استثمار القاهرة للعلاقات الثنائية بينها وبين كرواتيا والتي يريد رئيسها زوران ميلانوفيتش الوصول بها إلى آفاق أرحب من مستويات التعاون الثنائي.
تأكيد الرئيس الكرواتي على دعم حقوق مصر يعزز من موقف القاهرة خصوصا مع مركزية دور كرواتيا في الاتحاد الأوروبي فضلا عن أدوارها في الاشتراك بصفوف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وقد ساهمت كرواتيا بقوات في بعثة يقودها حلف شمال الأطلسي في مهام عديدة .
تواصل مصر التنسيق مع الأطراف الدولية الفاعلة ومن بينها كرواتيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي اتساقا مع ما تبقى لها من رصيد دبلوماسي لعل الجانب الإثيوبي يظهر لديه صوت يحترم حقوق الدول وتاريخها وتُطوى صفحة الخلاف إلى الأبد.
