عطل مفاجيء أصاب سد النهضة يؤكد فشله، بعد تكرر توقف عمل توربيني السد الإثيوبي، هما محل خلاف بين أديس أبابا مع دولتي المصب “مصر والسودان” اللتان تطالبان بضرورة التفاوض لصياغة قانوني وملزم فيما يخص عمليتي ملء وتشغيل هذا السد.. فماذا يعني توقف توربينات السد الإثيوبي خصوصًا بالنسبة إلى مصر وأمنها المائي؟
هنا يقول أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة الدكتورعباس شراقي، إن اعتراف إثيوبيا بتوقف عمل توربينين لسبب فني، يأتي بعدما كانت تزعم أن توربينات السد تعمل، وتربط الكهرباء المنتجة من السد بشبكة كهرباء إثيوبية تمد السودان وكينيا بالطاقة.
وأوضح “شراقي”، أنه إذا كانت التوربينات توقفت لسبب فني يتعلق باستئناف بناء السد وتعليته تمهيدًا للملء الرابع في العام 2023، فلما لم تعلن أديس أبابا ذلك قبل ذلك، خصوصًا وأنه مبرر قد يكون مقبولاً لدى المواطن الإثيوبي.
وأضاف، أن اعتراف الحكومة الإثيوبية بتوقف توربينات السد، لن يغير شيئًا من الحقائق المعروفة، إذ أنه من المعلوم بكل تأكيد إذا كان التوربينان في حالة تشغيل أو تعطيل.
وذكر الخبير المائي المصري، بتاريخ إعلان الجانب الإثيوبي تشغيل أول توربين بتاريخ 20 فبراير 2022، رغم أنه كان لا يعمل عندما تم افتتاحه، وانطلق العمل به فعليًا بعد ثلاثة أسابيع من الافتتاح، وبالتحديد يوم 10 مارس 2022.
كما تعذر تشغيل التوربين الثاني، إلا بعد مرور ستة شهور يوم 11 أغسطس 2022.. ثم توقف التوربينان معًا عن العمل، بعد مرور أيام قليلة، حتى يوم 25 نوفمبر 2022؛ بعدما بدأت دوامات خفيفة تظهر، ليتواصل التشغيل المتقطع، وذلك إلى أن توقفا بشكل تام، بعد يوم 25 مارس 2023، حتى يومنا هذا.
وعن مدى أهمية توقف توربيني سد النهضة عن العمل، أوضح أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة الدكتورعباس شراقي، أن تشغيل توربينات السد الإثيوبي أو توقفها عن العمل ليس هو ما يشغل بال مصر سواء من قريب أو بعيد، ففي كل الأحوال يوجد خرق مستمر ومرفوض لإعلان مبادئ سد النهضة 2015، وأيضًا للاتفاقيات والأعراف الدولية.
وقال “شراقي” إن تأثير التوربينين يكاد لا يذكر، وإن كان تشغيلهما يعني إمرار مياه نهر النيل إلى دولتي المصب “مصر والسودان”، وبالتالي في صالحهما، إلا أن كميات المياه الخارجة من التوربينين، ضعيفة للغاية؛ خصوصًا أنهما يعملان من وقت لآخر بشكل متقطع وغير منتظم، لساعات قليلة خلال بعض الأيام. كما أن معرفة عودة أي توربين للتشغيل تظهره صور الأقمار الصناعية.
ولفت إلى أن مصر أعلنت مرارًا ةتكرارًا، أنها لا تمانع التنمية في الأراضي الإثيوبية، أو أي دولة أخرى، ولطن شرط عدم المس بحقوقنا المائية التاريخية والإضرار بالأمن المائي لمصر، مستشهدًا بدعم مصر بناء سد “جوليوس نيريري” في تنزانيا، وقبله عديد المشروعات مثل سد “أوين” بأوغندا العام 1953.
أخيرًا.. تبقى أزمة سد النهضة عنوانًا لتهديد كبير يحوم بالمصررين وأمنهم المائي. وما تزال القيادة السياسية تواصل مساعيها العربية والدولية لأجل التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي، يضمن التنمية في إثيوبيا ولا يضر بحصة مصر التاريخية والتي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب مياه سنويًا.. فهل تحطم الحلم الإثيوبي على صخرة النوايا السيئة؟