مصر تضع حدا مستقبليا للتوجه الأمريكي في القارة الإفريقية

لم يكد الرئيس الأمريكي جو بايدن يعلن عن نية الولايات المتحدة بشأن القارة الأفريقية، إلا وأخذت مصر خطوة استباقية نوعية ووضعت حدا مستقبليا للتوجه الأمريكي.

تدرك مصر جيدًا مساعي الولايات المتحدة بشأن القارة الأفريقية في ظل محاولة التوازن في معادلة القوة الدولية، التي تدير بها واشنطن ملفاتها الخارجية. وخصوصا بعد ظهور توجهات الصين لفرض مزيد من النفوذ الاقتصادي والسياسي لها في القارة الأفريقية.

وأمام تزايد النفوذ الصيني في القارة الأفريقية أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن اتفاقا يستهدف تعزيز العلاقات التجارية بين بلاده وإفريقيا، وكان مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جيك سوليفان أعلن أن بايدن يؤيد منح العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي لدول إفريقية ضمن إجراءات إصلاح المجلس.

أمام معادلات التوازن القائمة بشأن القارة الأفريقية باتت مصر تدرك آلية إدارة ملف سد النهضة لصالح الحقوق المائية التاريخية لشعبها.. ويحضر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «القمة الأمريكية – الأفريقية» في واشنطن محملا بآمال أكثر من 100 مليون مصري لحسم ملف سد النهضة.

«إن ذلك يمثل لدنا تهديدا وجوديا وإننا إذ نوجه الشكر على دعم تم تقديمه نطلب منكم المزيد».. بذلك المطلب جدَّد الرئيس السيسي مطلب القاهرة إلى الولايات المتحدة بضرورة تقديم مزيد من الإجراءات الجدية بشأن ملف سد النهضة.

اللقاء الذي جمع بين الرئيس المصري ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن كرر فيه السيسي مطلب القاهرة بأنه لم يعد هناك مجال للتأجيل بشأن حقوق مصر المائية.. الرئيس المصري يعتبر ذلك المشروع الكهرومائي «تهديدا وجوديا لمصر».

«إن السد بذلك مسألة حيوية بالنسبة لمصر»، إذن فما الذي يريده السيسي من إجراءات لاستنفاد الأساليب الدبلوماسية والسياسية؟.

الإجابة تتضمنها مباحثات السيسي مع بلينكن بتأكيده أن «التوصّل إلى اتفاق ملزم قانوناً يمكن أن يحقّق شيئاً جيداً وفقاً للمعايير والأعراف الدولية. ولا نطلب أيّ شيء آخر غير ذلك».

ترتكز رؤية القاهرة أنه لضمان عبور خطط السلام والاستقرار في القارة يجب تجاوز الملفات العالقة والوصول إلى اتفاقيات ضامنة للوصول إلى حل لجميع الملفات التي تشكل توترات. وأبرزها ملف سد النهضة الإثيوبي الذي تكلف أربعة فاصل اثنين من عشرة دولار.

ويعتمد المصريون على سبعة وتسعين في المائة من احتياجاتهم المائية من نهر النيل ويخشون أن يؤثر سد النهضة على حصة بلادهم المائية في النهر والتي تصل إلى خمسة وخمسين مليار متر مكعب سنويا.

وتواصل مصر تحركاتها الدبلوماسية الشاملة في مختلف المحافل والفعاليات الدولية لاستنفاد الأساليب الدبلوماسية والسياسية بشأن سد النهضة خصوصا وأن إثيوبيا التي وعد رئيس وزرائها آبي أحمد باستئناف المحادثات السياسية المتعلقة بالشد هي ذاتها التي تتأهب للملء الرابع للسد.

الإدارة الأمريكية تتعاطى مع ملف سد النهضة الإثيوبي في إطار استراتيجيات متباينة لدى إدراتها المتعاقبة، فقد رجحت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب حق القاهرة في المواجهة مع إثيوبيا للحفاظ على الحقوق المائية الأمر الذي نفته الإدارة المصرية لاحقا. لكن إدارة بايدن تؤيد الحلول الدبلوماسية لحل أزمة سد النهضة وإن كانت علاقتها مع إثيوبيا ليست على ما يرام بسبب ما يحدث في إقليم تجراي من تجاوزات تمس الملف الحقوقي.

Exit mobile version