تكابر إثيوبيا تارة وتعاند أخرى.. وتظل على موقفها المراوغ بشأن إجراءات ملء سد النهضة وكأنه لا وجود لدولتي مصب لهما ذات الحقوق المكفولة لجميع الدول المتشاطئة الأنهار بموجب القانون الدولي.. ومع ذلك الموقف الغامض تناست أديس أبابا ثلاثة سيناريوهات بشأن مصير سدها.
تتصدر الأوضاع السياسية المتعلقة بالداخل الإثيوبي العوامل الرئيسية لبناء سد النهضة فضلا عن وجود أطراف خارجية داعمة لعمليات البناء بما يدحض حجج أديس أبابا ومزاعمها بشأن الحاجة إلى المشروعات التنموية وتوليد الكهرباء.
أمام ذلك الوضع الغامض وحيل المراوغة لا زال سد النهضة مسار تساؤلات تتعلق أولها بمدى مشروعية بناء السد في على أرض ليست ملكا لإثيوبيا وهو ما أثبتته خبيرة ترسيم الحدود المصرية هايدي فاروق.
شددت الخبيرة المصرية على أن منطقة بني شنجول التي بني عليها السد أرض مصرية اشترتها مصر عام ألف وثمانمائة وسبعة وستين أي أن لمصر حق المطالبة بالأرض التي بني عليها السد.
أمام ذلك الوضع الشائك يمكن لمصر اللجوء إلى التحكيم الدولي ليس فقط بسبب ملكية أرض سد النهضة ولكن أيضا لمخالفات تتعلق بتجاهل أديس أبابا لقواعد القانون الدولي المعمول بها في بناء السدود، وسبق لخبراء مصريين برئاسة الدكتور مفيد شهاب أحد مهندسي اللجوء للتحكيم الدولي في قضية طابا. سبق لهؤلاء الخبراء أن أعدوا دراسة بهذا الشأن.
سيناريو اللجوء إلى التحكيم الدولي في قضية سد النهضة يرتكز على التحرك المصري أمام الأمم المتحدة وليس محكمة العدل الدولية لأن الأخيرة يقتضي اللجوء إليها موافقة طرفي النزاع «مصر وإثيوبيا»، ويضمن ذلك السيناريو للقاهرة رأيا عاما دوليا داعما لحقها التاريخي.
أزمات سد النهضة بالنسبة لإثيوبيا تتضمن أيضا السلامة الإنشائية للسد التي باتت بحاجة إلى مراجعة فنية مع حدوث زلازل متتالية على مقربة منه، ويدعم ذلك الملاحظات الفنية التي أبداها خبراء مصريون بهذا الشأن حيث كانت إديس أبابا بحاجة إلى المصارحة في عملية البناء أكثر من حاجتها للمكابرة والتصرف بطريقة منفردة.
دبلوماسيا.. لا زالت القاهرة تسرع وتيرة تحركاته في مختلف المحافل والفعاليات الدولية والإقليمية بشأن إقرار وتأكيد الحقوق التاريخية والقانونية لمصر في مياه النيل مع طرح آلية تسمح بمشروعات في جميع الدول المتشاطئة من نهر النيل شريطة عدم الإضرار بدولتي المصب.
تريد مصر والسودان أن تكونا طرفا في حل بشأن سد النهضة ولا تعتزمان أن تكونا طرفا في أزمة لكن المفاوض الإثيوبي الذي نكص على عقبيه وأدار عملية تجميد المفاوضات بشأن سد النهضة وصل بالمفاوضات إلى طريق مسدود.
حتى الآن – تمد القاهرة والخرطوم أيادي السلام في سبيل الحفاظ على حق تاريخي دون توسل أو استجداء لطرف ودون استعداء آخر. لكن يبدو أن إثيوبيا التي تمضي في إجراءات الملء الرابع للسد لديها مفاوض يصم آذانه عن حقاق التاريخ.. لعل الأيام تثبت صدق إدعاءات أديس أبابا بدلا من أن تضطر مصر والسودان إلى اللجوء لخيار تتجرع إثيوبيا بسببه كأس الندم بعد فوات الأوان.