رغم القوة والسيطرة اللتين يتميز بهما زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، بين شعبه ومعاونيه، والهالة الإعلامية التي تحوم حول شخصيته المعتدة بنفسها لأقصى الحدود، ظهر “كيم” مؤخرًا وهو ينحني راكعًا أمام أحد مواطني بلاده.. فمن هو هذا الإنسان الذي أجبر “أون” على تبجيله واحترامه لدرجة الركوع؟
نشرت صحيفة “رودونج سن مون” الرسمية في كوريا الشمالية، صورة مثيرة للجدل تظهر الزعيم “كيم” “راكعا”، في صورة لم يشهدها الكوريين الشماليين من قبل.
الجريدة الرسمية، كشفت عن صورة “كيم” وهو راكع أمام قبر لمسؤول عسكري بارز في كوريا الشمالية، وهو الأمر غير المألوف، فكيف يظهر القائد الأعلى للقوات الكورية الشمالية، راكعًا لأي فرد كما اعتاد الناس ومتابعيه منذ قدومه للحكم؟ لكن يبدو أن أهمية هذا الشخص في حياة “كيم” هي السبب في كل هذا التوقير والاحترام الغريب.. فما وراء ذلك؟
كشفت التقارير الإعلامية أن هذا الشخص الذي ركع له زعيم كوريا الشمالية عند قبره، اسمه “هيون تشول هاي”، وكان مسؤولًا عسكريًا مهمًا في حياة “كيم”.. كما تظمت كوريا الشمالية حفلاً كبيرًا كي تخلد ذكراه، قبل أيام عدة، وذلك بعد مرور عام على رحيله في العام 2022.
فمن هو هيون تشول هاي الرجل الذي انحنى له زعيم كوريا الشمالية أكثر الأشخاص مهابة وتسلطًا مع حكومته وشعبه؟
بحسب موقع “نورث كوريا نيوز”، كان الجنرال العسكري الراحل “هاي” مكرسًا حياته كلها للعمل حارسًا في خدمة عائلة كيم جونج أون. ووفق الموقع فإن هذا الرجل لم يكن حارسًا أو عسكريًا عاديًا لأنه قد لعب أدوارًا رئيسية في الإشراف على وصول “كيم” إلى سدة السلطة في كوريا الشمالية عندما كان ما يزال في سن صغير.
وفاة وإخلاص “هيون” للزعيم الكوري “كيم” ليس السبب الوحيد لكل هذا الثناء والاحترام، فلا يجرؤ أحد من معوانيه أن يفعل العكس أو يقلل من إخلاصه وتفانيه من أجل الزعيم. ويؤكد مراقبون أن زعمي كوريا الشمالية يهتم كثيرًا بتكريم معاونيه في الحكم خصوصًا المسنين والذين قضوا نحبهم وماتوا؛ حيث يعتبرها أحدى الركائز الأساسية في استراتيجيته الدعائية محليًا.
وكان قد وُلد “هيون” الرج الذي انحنى له “كيم” في العام 1934، وفي مسيرته المهنية التحق بفصيلة حراسة كيم إيل سونج، عندما كان في سن المراهقة، فيما كان النزاع العسكري في شبه الجزيرة الكورية مستعرًا. وخلال تلك الفترة، تقابل مع ابن “إيل سونج”، “كيم جونغ أون”، وأصبحت تجمعهما صداقة كبيرة.
وعلى مدى عقود، ترقى “هيون” تدريجيًا وعزز موقعه في السلطة رفقة الزعيم الكوري الشمالي. وبعد رحيل “كيم إيل سونغ” في العام 1994، “هيون” كان قد صار عضوًا باللجنة المركزية، مما يوضح أنه ترقى للنخبة العليا، ليتقلد رتبة “كولونيل جنرال”.
ومع استمرار حالة الصداقة الكبيرة، واصل “هيون” التدرج في سلم ااسلطة وحظي بالمزيد من الثقة والدعم تحت قيادة “كيم جونج إيل”، ليتقلد رتبة جنرال كامل العام 1995، ورغم انشقاق ابن شقيقه “هيون سونغ إيل” وتوجهه إلى كوريا الجنوبية بمنتصف تسعينيات القرن الماضي، لم يؤد ذلك كما هو المعتاد مع عائلات المنشقين لقطع مسيرته أو تقليص صلاحياته.
كما لم يدخر “هيون” جهدًا لتمكين “كيم جونج أون” من وراشة العرش والتربع بقوة على سدة الحكم في كوريا الشمالية وفعل كل ما في وسعه لتثبيت أركان دولته وهيبته. وكان لظهور المتكرر رفقة نجل الزعيم الراحل في العام 2008 يعزز مصداقية هذه التفسيرات، وبالفعل انطلقت حملة خلافة “كيم جونج أون” بعد فترة بسيطة في شهر يناير العام 2009.
وبعد إمساك “كيم” بزمام السلطة صار “هيون” نائبًا للمشير، وبعد نحو أربعة أعوام فقط جرى تعيينه مُشيرًا بالجيش الشعبي الكوري، والتي تعد أكبر رُتبة عسكرية بعد الزعيم نفسه.
كما حظي “هيون” عند وفاته بجنازة رسمية مهيبة في بيونجيانج، ورغم تفشي وباء كورونا، في ذلك الوقت، وكما بث التلفزيون الرسمي الكوري، فيديو يوثق علاقة “كيم” و”هيون”، والذي ذكر أن الزعيم الكوري الشمالي “كيم” كان رفقة “هيون” عند رحيله.