يحكي المصور الصحفي “بافل بالينوفيتش” أنه بين عامي 1989 و1990 تم منحه فكرة فيلم وثائقي عن الذئاب في منطقة “جيسينتسي” الموجودة في سلوفينيا وكرواتيا لرصد جديدها، وحين توجه إلى المنطقة المقرر تصويرها وجد طفل ذو الخمس سنوات هناك يرعى الماعز بين الجبال، أكد مرارًا بأنه كان رجلًا بملامح طفل يعمل بجدية كبيرة تفوق سنه بمراحل.
وضمن روايته قال: “تم تكليفي بتصوير فيلم وثائقي عن الذئاب الموجود بمنطقة جيسينتسي في سلوفينيا وكرواتيا تحديدًا، لم أكن أدري في تلك اللحظة أنني أمام نجم بارز سيسطع نجمه ذات يوم، فقد صوابي تمامًا حين رأيت الطفل الصغير ذو الملامح الهادئة والشعر الأشقر وهو ممسكًا بعصاه ويلوح بها لتجميع الماعز في مكان واحد بين الصخور”.
وأضاف : ” توجهت إليه على الفور لالتقاط بعض الصور الخاصة بالتقرير المقرر تسليمه مع الفيلم الوثائقي، لم اقترب منه على الإطلاق إلا أنه لاحظ تمامًا أنني أصوره، حتى أنه بدأ ينظر لي ما بين اللحظة والأخرى، ظهر الطفل صاحب الـ 5 سنوات في الفيلم التسجيلي الذي صورته، كان يرعى الماعز بين الجبال وقتها بجدية تفوق عمره الصغير هذا “.
وتابع “بافل” : ” كان ينظر لي وللكاميرا الموجودة بيدي من بعيد وهو يرعى الماعز، لم أكن أدري وقتها أن اهتمامه بالكاميرات سيطارده بين اللحظة ونظيرتها بسبب عشقه لكرة القدم، لم أكن أدري أنه سيصبح لوكا مودريتش نجم وسط ريال مدريد الإسباني، لم أكن أعلم أنه سيقود منتخب بلاده كرواتيا لإنجاز تاريخي ويتابعه العالم بأثره من خلال الكاميرات أيضًا “.
كما يؤكد الصحفي “بافل بالينوفيتش”، أن قصة لوكا مودريتش مؤثرة بشكل كبير للغاية، حتى وأن عينه عادة ما تغلبه أمام تفاصيلها، ذاك الرجل الذذي يقود بلاده حاليًا في نهائي مونديال كأس العالم بروسيا، كان مشتتًا بين المخيمات الخاصة باللاجئين وقت الحرب والاستعمال الذي تسيد بلاده حتى 1990.
يقول “بافل بالينوفيتش”، أن لوكا مودريتش يعد أحد الجنود المجهولين في وسط منتخب بلاده، إلا أنه بات مرشحًا أبرز لحصد البالون دور “الكرة الذهبية” هذا العام لتكليل جهوده الطيبة التي لا بد وأن يتوقف أمامها العالم للحظة لرفع القبعات له وتهنئته على ما وصل إليه بعد كم الحروب والآلام التي عاصرها في طفولته.
ومن المعروف، أن كرواتيا عقب حصولها على التحرير من المستعمر في 1990، استطاعت الدخول كعضوة في الفيفا عام 1990، حتى وأنها شاركت في نهائيات كأس العالم لأول مرة في تاريخها عام 1998، واستطاعت إبهار العالم أجمع بعد حصولها على بورنزية البطولة بالإطاحة بمنتخب ألمانيا بعد الفوز عليها في مباراة تحديد المركز الثالث بنتيجة 2\1 في مفاجأة من العيار الثقيل.
أما حين كانت تحقق كرواتيا هذا الحلم المبهر عام 1998، لوكا مودريتش وراكيتيش نجمي منتخب كرواتيا وأحد أهم نجوم قطبي الليجا الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة، كانوا قد بدأوا يلملموا جروحهم للنهوض مجددًا بعدما قضوا 12 عامًا من عمرهم ضمن معسكرات اللاجئين المشتتين خارج البلاد.