في التقاء البحر بالمحيط، تتجسد أسطورة مغربية على أمواج الأطلسي، حيث تحتضن رأس سبارطيل الواقعة في مدينة طنجة شمال المملكة العربية المغربية مغارات هرقل، فما هي قصة الكهف الذي يصل إلى مركز الأرض؟
تشبه قارة إفريقيا.. إطلالة حالمة بالعين المجردة.. وتفصل المتوسط عن الأطلسي
على أعتاب الكهف تلزم الأمواج مدها ولا تتجاوز، خوفًا مما تحمله مغارات هرقل في طياتها من تشويق وغموض، فالسراديب الطويلة المظلمة تمتد إلى ما يقارب الثلاثين كيلو مترًا في باطن الأرض.
تكفلت الطبيعة بتشكيل المغارة، فتركت بابها وكأنه سُرق من خريطة العالم، فيجسد القارة السمراء شاهدةً على تلاحم الأمواج الزرقاء المتوسطية، بأمواج الأطلسي الخضراء، كما تطل على مضيق جبل طارق وسواحل الأندلس في شموخ وعز، حيث لا يفصلها عن إسبانيا سوى ١٤ كيلو مترًا فقط.
نزاع هرقل ونبتون
تتكاثر الأساطير حول المغارة التليدة، التي ضربت جذورها في عمق التاريخ، قبل أن يتم اكتشافها في عام ١٠٩٦ م، ولعل أبرز تلك الأساطير الصراع الدائر بين هرقل ونبتون الذي ملك الأرض شمالًا وجنوبًا، وكان له ثلاث بنات يكلف وحش ضاري بحمايتهن.
بدأ هرقل حسمه للنزاع الدائرة، فصارع الوحش على جبل تتصل به القارة العجوز بنظيرتها السمراء، لكن ضربته أخطأت موطن الموت في جسد الوحش، فانشق الجبل واتصلت مياه البحر بالمحيط، لكن هرقل حسم انتصاره وزوج ابنه من إحدى بنات نبتون.
انتهت الأزمة بفصل القارتين، وأنجبا الزوجين طفلة اسموها طانجيس، سُميت طنجة على اسمها معلنة نهاية الصراع المرير، إلا أن الأساطير التي يتم نسجها حول مغارة هرقل لم تنتهي بعد، لكنها لم تكن بعيدة عن حياة البطل الإغريقي.
أساطير لا تنتهي.. ومركزًا للتجارة قديمًا
وفي رواية أخرى نسجها محبو التاريخ، قيل إن هرقل كان مسجونًا في الكهف، وفي إحدى محاولاته للفرار، ضرب بيده باب المغارة ففصل القارة الإفريقية عن القارة العجوز، وجلس يستمتع بالمنظر الخلاب الذي أحدثه.
الجدير بالذكر أن المغارة في تشكلها ليست طبيعية مئة بالمئة، إذ تكثر الأقاويل حول أنها كانت مركزًا تجاريًا لبيع الأسماك للقوافل التي تمر عبر المضيق، حيث تحتوي المغارة بالداخل على بقايا آثار وأدوات حجرية وخزفية.
عطلة الملك سلمان المفضلة.. وقصره على بعد خطوات منها
لشهرتها الواسعة في الأوساط السياحية، وبرسوم جدرانها التي ظلت شاهدها على أساطيرها، أسرت مغارة هرقل قلب العاهل السعودي الملك سلمان ابن عبد العزيز، حيث يقضى عطلته على مقربة منها.
يقع قصر الملك سلمان على بُعد كيلو متر واحد فقط من مغارة هرقل، فيهيأ نفسه للعودة منها، عبر سماع أصوات تلاطم الأمواج بالصخور وكأنها مقطوعة موسيقية عزفتها المغارة، حيث اشتهر الملك سلمان بالذهاب إلى هناك مرتين أو ثلاثة في العام الواحد.