يعتبر مجال التجارة من أقدم مجالات الأنشطة التي عرفتها المجتمعات القديمة، حيث كانت قوانين حمورابي عند البابليين منذ ألفي سنة قبل الميلاد من أولى القواعد التي أحكمت المعاملات التجارية في مصر.
ثم أسس الفينيقيين لاحقا الأعراف التجارية المتعلقة بالخسائر البحرية. أمّا عند الإغريق والرومان فإنّ وحدة القانون لم تسمح بظهور القانون التجاري كمفهوم مستقل عن القانون المدني، وعلى الأخص كون التجارة لا تعتبر من نشاطات النبلاء أو العامة وإنما كانت من نشاطات العبيد، توسع مفهوم القانون التجاري في العصور الوسطى بشكل كبير بسبب توسع حركة التجارة والمعاملات التجارية بين العامة.
أما في العصر الحديث فشهدت هذه الفترة اكتشاف طرق جديدة تمكن التجار من الاستعاضة عن طريق رأس الرجاء الصالح كما تم اكتشاف الذهب والفضة وجدت فكرة الودائع والاقتراض من البنوك وظهر تداول الأوراق المالية أدى هذا التسارع في تطور طرق التعامل التجاري وتعقيده إلى ظهور القانون التجاري الفرنسي سنة 1807.
حيث يعتبر القانون التجاري أنه عبارة عن مجموعةٌ من القوانين التي تفرض على الأعمال عامة، والنشاطات التجارية، وتعمل على تنظيمها بشكل قانوني عن طريق وضع قواعد تُساعد على منح الصفة القانونية لكل شخص أو مجموعةٍ من الأشخاص يعملون في مجال تجاري، مهما كان نوعه سواءً كان محلاً صغيراً، أو مؤسسة كبيرة، ويطلق على كل شخص يعمل في مجال التجارة ويخضع لأحكام القانون التجاري (التاجر).
ويتصف القانون التجاري بعدد من الخصائص المحددة، وهي: تتصف القوانين التجارية بسرعة التطبيق. تُبرم عقود صفقات البيع والشراء بناءً على نصوص قانونية ثابتة. من الممكن إجراء أكثر من وظيفة قانونيّةٍ في وقت واحد.
حيث يعتمد القانون التجاري على ثلاثة تشريعات رئيسية، وهي: التشريعات القانونية: وهي عبارة عن مجموعة من الأحكام والأعراف القانونية التي تُطبّق من خلال القانون التجاري، وعلى كل فرد يعمل في أي مجال تجاري التقيد بها، وقد يعتمد القانون التجاري على قوانين أخرى في تطبيق بعض النصوص القانونية.
تشريعات القانون المدني: وهو القانون الذي يُنظّم حياة الأفراد العامة داخل الدولة، وعلى كلّ فرد الالتزام بالأحكام القانونية الموجودة فيه.
العُرف التجاري: هو كلّ شيء تمّ التعارف عليه في مجال الأعمال التجارية، وأصبح مع الوقت جزءاً من أجزاء القانون التجاري، وصار التعامل مع الأعراف التجاريّة اعتيادياً؛ بسبب كثرة استخدامها من قبل التجار، وهذا ما جعلها تتحوّل إلى قواعد قانونية.
وهناك عدة معايير يعتمد عليها القانون التجاري في تنظيم الأعمال التجارية، فتلك المعايير هي:
نظرية المضاربة: هي مجموعة الوظائف التجاريّة التي تعتمد بشكل رئيسي على تحقيق الربح، وعلى الاستفادة من فرق السعر في السوق، والعمل على شراء البضاعة بأقل سعر ممكن، وبيعها بسعر مناسب، وتنتشر بشكل كبير في أسواق الأسهم التجاريّة، وأيّ عَملٍ لا يُحقّق ربحاً مالياً لا يعتبر عملاً تجارياً وفقاً لهذه النظرية.
نظرية الاحتراف: هي الخبرة في العمل التجاري الواحد، والحرص على الاستمرار بالقيام فيه، وتشير هذه النظرية إلى أنّ كل تاجر يُحافظ على استمرار عمله يُسمّى محترفاً؛ أي يقوم بتكرار العمل التجاري الواحد لأكثر من مرة، مثل: التخصص بتجارة الخشب.
نظرية التداول: هي الحركات التي تعتمد عليها البضائع، والنقود بين المنتجين، والتجار، والمستهلكين؛ بمعنى أن يقوم المُنتج بإنتاج البضاعة، ويشتريها التجّار منه، ومن ثمّ يبيعونها إلى المستهلكين، وهكذا تُطبّق نظرية التداول، ويتم تحقيق الهدف الرئيسي من التجارة، وهو الربح. نظرية المشروع: هي القيام بالتخطيط لمشروع ما، وتوفير كافة الأمور الأساسية له، من: رأس مال، وموظفين، ومعدات، وغيرهم، وإذا اعتمدت فكرة المشروع الرئيسيّة على هدف تحقيق الربح، عندها يُصنّف المشروع بأنّه عمل تجاري.