لم يتخيل ذلك الملك يوما، أن زوجته التي طالما عمل على إسعادها وإبهارها وإحضار ما تريد من متاع الدنيا وزينتها، ستنقلب عليه وتتجاهل كل ما فعله من أجلها .. لقد فوجئ بصدمة من أقرب الناس إليه دون أن يتوقع مصدر تلك الصدمة. .
إنه المعتمد ابن عباد أو «المعتمد بالله» وقد كان واحدا من ملوك الطوائف في الأندلس التي تفرقت إلى دويلات وكيانات سياسية يسهل إضعافها واستهدافها، وقد ورث الحكم عن القاضي أبي القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد، وقد تولى المعتمد الحكم شابا وجمع في بلاطه كبار أهل اللغة والشعر.
الملك صاحب الهدايا القيمة
لما قوى ملك المعتمد وسيطر على ما استطاع من المواقع المجاورة لحكمه بدأ الأمراء والملوك يحملون إليه ما استطاعوا من هدايا، وكان لحكمه شأن حكم غيره من ملوك الطوائف ترف ورفاهية نالت منه زوجته.
تزوج المعتمد اعتماد الرميكيه، وأحبها كثيرا حتى أنها كانت في نظره ملكة جمال تأمر فتُطاع وتطلب فيُجاب أمرها.. ولمحت حين نظرت ذات يوم من شرفة القصر الفلاحات وأقدامهن تغوص في الطين فأرادت أن تقلدهن.
زوجة الملك تصارحه برغبتها
صارحت اعتماد الرميكية زوجها المعتمد بما يجول في خاطرها وأخذت تلح عليه بضرورة تنفيذ طلبها بأي طريقة.. حتى استجاب الملك لأمر زوجته وأمر بتجهيز أرضية من الطين ذات معايير خاصة لأن التي ستخوض فيها هي: «زوجة الملك».
كان على الجميع العمل على قدم وساق من أجل تنفيذ الأوامر وتجهيز الطين المهيأ لكي تخوض فيه زوجة المعتمد بن عباد، وتضمنت إجراءات تجهيز الطين سحق مواد مستخلصة من الطين ونشرها في ساحة ومحيط قصر الملك حتى انتشرت بشكل واضح.
طين ممزوج بماء الورد
تم مزج ماء الورد بالمواد المجهزة من أرقى أنواع الطيب وقام عمال القصر بعجن ذلك كله بأياديهم مع تكرار العجن تحولت تلك المواد كلها إلى خليط من العجين إلى الطين أقرب.
جاءت الساعة الموعودة لتنفيذ رغبة زوجة الملك وخاضت مع جواريها في الطين وقيل إن ذلك الخليط وصلت تكلفته إلى آلاف الدنانير.. وكان الطين حديث الرعية أجمعين فهو ذلك الطين الذي خاضت فيه زوجة الملك ويالها من تجربة فريدة.
برغم تلك الرفاهية التي عاشتها زوجة المعتمد في ظل حكمه الذي كان مصيره إلى زوال احتد عليها ذات يوم فأقسمت «الرميكية» أنها لم تر معه يوما واحدا من الخير.
طبيعة خاصة لدى النساء
ذهل الملك وعلت ملامحه الصدمة حتى أنه سألها: «ولا يوم الطين؟؟؟».. إنها طبيعة المرأة في كل زمان ومكان ترى أن قيمتها أرقى من أن يتمكن أحد من إرضائها.. فهل استوعب الرجل انفعال المرأة وضمن لها رصيدا في قلبه من الحب يسمح لها بأن تعيش دلالها الأنثوي؟ أم يعاملها كما لو كانت رجلا فيرد الغضب بانفعال؟.. وحدهم أذكياء الرجال هم الذين يدركون طبيعة المرأة.