قوم ثمود هم أحد الأقوام التي سكنت شبه الجزيرة العربية في الشمال الغربي وذلك بالقرب من منطقة تبوك.وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم تحديدا في سورة الأعراف التي تحدثت عن قصتهم بالتفصيل ، كما قد تم ذكرهم في كتابات الأشوريين خاصة الكتب التي تحدثت عن الملك سرجون الأول.
قوم ثمود كانوا قوما يؤمنون بالله في البداية إيمانا شديدا، وذلك قبل ظهور النبي صالح بينهم، ولكنهم كانوا دائما خائفين مما حدث لقوم عاد حين اقتلعت الرياح بيوتهم وتهدمت بأمر من الله سبحانه وتعالى .
ارتعب قوم ثمود من هذه الحكاية التي توارثتها أجيال فقرروا أن يحفروا بيوتهم بين الصخور والجبال وليس من طين اعتقاداً منهم بأن بهذا الشكل لن تتهدم بيوتهم أو يحدث لهم مثل ما حدث مع قوم عاد.
وبدأ قوم ثمود يتغيرون، فبدأو يتكبرون ويرون أنفسهم أعظم من أي شيء.ووسوس الشيطان لمجموعة من وجهاء قوم ثمود بأن يبنوا لأنفسهم إلها من الصنم أو الصخور.
فذهبوا إلى الملك وكان اسمه جنده بن عمرو، واقترحوا عليه فكرة أن ينحتوا لأنفسهم إلها من الصخور وافق ” جنده ” على هذه الفكرة وذهب مع هؤلاء الوجهاء من القوم واختاروا صخرة معينة وقرروا أن يجعلوا تلك الصخرة رمزا لإلههم وكان كل ذلك بايعاذ من إبليس .
صنعوا إلها
وبالفعل اختار قوم ثمود صخرة معينة وحفروها بعيون وصدر مثل الثور ونحتوا أرجل حصان وزينوها بالذهب والمجوهرات
واجتمعوا جميعا في ليلة وسجدوا لها ولم يكتفوا بكل ذلك الكفر بل قاموا بصنع معبد به سبعه أصنام كانت أسماؤهم
“ود /وهد/ وجد/ وشمس/ ومناف / ومنات / وإيلات”
نزول الوحي
أما النبي صالح فكان رجلا صالحا وكان يعمل في التجارة وكان قوم ثمود يحبونه لأمانته لدرجة أنهم أرادوا أن يعينوه ملكا من شدة حبهم لهم.
وبعد أن أتم النبي صالح 40 عاما جاءه الوحي ونزل عليه جبريل وطلب منه أن يذهب إلى الملك ويدعوه إلى الله وقال له جبريل أنه سيشهد أحداثا لم يرها أحد في زمن سيدنا نوح عليه السلام.
وبالفعل ذهب صالح للملك ودعاه إلى عبادة الله وترك عبادة الأصنام وهنا حصل خلاف كبير بين قوم ثمود وصالح، وبعد أن كانوا يحبونه أصبحوا ضده أما الملك فحاول أن يرد عليه بدبلوماسية.
وقال إنه يحتاج إلى دليل حتى يستخدمه في إقناع قومه بدعوة صالح وبدأوا يتهمون النبي صالح بأنه يهذي وأنه لا يملك دليلا لما يقول وأنه يريدهم أن يتركوا الأصنام لأنه يطمع في أموالهم ومجوهراتهم.
التحدي الكبير
تحمل سيدنا صالح منهم الكثير حتى قال له الملك وقومه إذا أردت أن تثبت لنا أن هذه الدعوة صحيحة وأن الله موجود أخرج لنا من صخرة كانت تسمى الكاتبة لديهم ناقة لونها أحمر وتكون على وشك الولادة، وابنها ايضا يولد بنفس اللون الأحمر فنظر إليه سيدنا صالح وصمت .
فقام جماعة يريدون أن يسخروا من سيدنا صالح وقالوا وأيضا يكون حليبها باردا في الصيف دافئا في الشتاء، ولو شرب منه مريض يشفى ولو شرب منه فقير يغنى.
اعتقدوا أنهم يتحدون النبي صالح بأمر مستحيل ولكن الله سبحانه وتعالى أراد ان يريهم تلك الأية، فأخرج لهم بالفعل ناقة من الصخرة بنفس تلك المواصفات وما أن رآها الملك حتى آمن هو وعشرة من رجاله بدعوة سيدنا صالح وبوجود الله سبحانه وتعالى.
غضب قوم صالح
خرجت الناقة بالفعل وكانت ضخمة للغاية وبها كل المواصفات التي طلبها قوم ثمود ولكنهم لم يسعدوا بذل، وخصوصا بعد أن آمن الملك.. فقام الكاهن الأعظم المسؤول عن معبد الأصنام بنزع التاج من الملك وإعطائه لأخيه الذي لم يؤمن مع سيدنا صالح ومع ذلك لم يتردد الملك وظل مؤمنا مع سيدنا صالح رغم خسارته لملكه
طلب منهم سيدنا صالح أن تشرب الناقة في يوم ثم يحلبونها في اليوم التالي وألا يمسها أحد بالسوء ولكن كان هناك من يريد إيذاء تلك الناقة، خصوصا أنها عندما يراها الغنم والحيوانات كانوا يهربون خوفا منها فأرادوا أن يتخلصوا منها .
وانتظروا يوما حتى قام 10 رجال بعد أن اتفقوا مع بعضهم البعض وعقروا الناقة كما ذكر في سورة الأعراف في القرآن الكريم.
وذهبوا إلى سيدنا صالح وقالوا له بتحدي أتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين وهنا حذرهم سيدنا صالح بأنهم لم يكن المفروض أن يمسوا تلك الناقة وأن غضب الله سيكون شديدا.
عذاب قوم ثمود
وبعد عدة أيام بدأ غضب الله سبحانه وتعالى عليهم فكل من لم يؤمن بسيدنا صالح ومن ساهم في عقر الناقة أصبح لون وجهه أصفر وكان ذلك في يوم أربعاء وفي يوم الخميس تحول إلى الأحمر وفي يوم الجمعه تحول إلى الأسود القاتم ، وحدثت في تلك الأيام الثلاثة أهوال رهيبة ، إذ لم يتوقف الأمر على من كفر بل إن الأشجار تحولت إلى اللون الأحمر والمياه والينابيع تحولت إلى اللون الأحمر
مطاردة النبي
اعتقدوا أن سيدنا صالح قام بالإنتقام منهم وحولهم الى تلك الهيئة بالاعمال السفلية، فقاموا بالذهاب إليه لينتقموا منه، فأوحى الله له أن يختبئ هو و 4000 شخص الذين آمنوا معه من ذكور وإناث وعائلات وصغار.
أن يخرجوا من البلد فورا وكانت تسمى بلد حجر، وما أن وصل الكافرون البحث عن صالح حتى أصابتهم الصيحة التي كانت قوية لدرجة أنها دمرت أجسادهم من الداخل وماتوا ولم يتحملوا .
وأمر سيدنا صالح قومه بالذهاب إلى مكة وأن يسبحوا الله في طريقهم شكرا له لإنقاذه حياتهم وتخليصهم من قومهم الضالين
آثار قوم ثمود
ولكن رغم رحيل قوم ثمود إلا أنه لازالت هناك آثار موجودة حتى الآن من تلك الحضارة فنجد نقش سرجون الآشوري
وهو واحد من أقدم النقوش التي بقيت من آثار قوم ثمود ومكتوب على ذلك النقش إنهم جاءوا من جنوب شبه الجزيرة العربية بعد حروبهم مع قوم عاد حيث ذكر التاريخ أن أصول قوم ثمود قد حاربوا مع قوم عاد وأسسوا دولتهم في منطقة شبه الجزيرة العربية.
وأيضا هناك ما يسمى بنقوش تيماء والتي يرجع تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي والتي تم نقشها على صخور بيضاوية الشكل ووجد عليها بعض الصور المنقوشة والتي تجسد صورة الإله الذين قاموا بنقشه في الصخور والذي كان يرمز إليه برمز رأس الثور كما تحدثنا عنه .
وتعتبر هذه الشواهد التاريخية ادلة قطعية على وجود هؤلاء القوم وما فعلوه في نبي الله صالح ، وأصبحت ناقة صالح من العجائب والمعجزات التي ذكرها القرآن الكريم كمثال على طمع الإنسان وضلاله وتكبره وتماديه في إنكار الحقائق التي تخالف هواه ومصلحته الشخصية .