كيف رباهم السلطان ثم قلبوا عليه القدور؟ وما الذي فعلوه بأعراض الناس وأموالهم ؟وما سر قرار منعهم من تربية اللحية وتكوين حياة أسرية؟ولماذا ركع السلاطين أمامهم وهم تحت قيادته؟
أصحاب الكلمة العليا
كانوا مجرد فرقة في قوات السلطان، فجأة أصبحوا أصحاب الكلمة العليا، يفعلون ما يريدون وينفذون ما يشاؤون ولا يجرؤ أحد مهما بلغت قوته مداها أن يقف في وجوههم، هم في نظر الناس كانوا مكلفين من الباب العالي بتنفيذ المهام الموكلة إليهم.
سمع السلطان وبصره
إنهم الفرقة الانكشارية التي بلغت قوتها مبلغها وقد كانوا سمع السلطان وبصره في عهد الدولة العثمانية حيث عرفوا بأنهم «الجند الجدد».
وكان الإنشكاريون لهم شرف الحصول على تعليماتالسلطان منه بشكل مباشر. . وقد تباينت آراء المؤرخين بشأن الإنكشارية وتحميل مسؤولية إنشائها بين أكثر من سلطان، لكن هناك إجماعا تاما على أن الإنكشارية كانوا أصحاب اليد العليا
في فرض تقدم الجيوش العثمانية في المواجهات العسكرية وطالما عرفوا بالقوة والمنعة.
القيم الصوفية العليا
إعداد الإنكشاريين كان يخضع لتقاليد صارمة بتربية تمزج بين القيم الصوفية العليا والعسكرية الحاسمة.. ووصلت ضوابط عملهم النظامي إلى حياتهم الشخصية.
واضطروا أن يظلوا عزابا في عهد السلطان العثماني «أورخان» وكان إقدام أي منهم على الارتباط مخالفة وخطأ بحق قرارات الباب العالي.
الحياة بعيدا عن المواجهات
في وقت لاحق حدثت انفراجة بشأن الضوابط التي يخضع لها الإنكشاريون في حياتهم الشخصية وصدر قرار بالسماح لهم بالارتباط لكن شريطة أن يحصل كل راغب في الارتباط وتكوين أسرة على موافقة بذلك من القائد المباشر .
لكن ذلك الأمر لم يكن مصدر خير للدولة العثمانية . لأن الإنكشاريين بعد الموافقة لهم على الارتباط قل ارتباطهم
بالخدمة النظامية التي كانوا فيها وتناثروا بعيدا عنها في أسر مستقرة .
المحرومون من اللحى
طالت قائمة المحرمات التي فرضت على الإنكشارية، فلم يكن مباحا لهم إطلاق اللحية مثل بقية الرجال، بل إنهم عاشوا محرومين من ممارسة الحرف والتجارة.
وكان على كل من يخالف ذلك منهم أن يتحمل مسؤولية المخالفة لأن السلطان كان يعاقبه بأشد أنواع العقاب وشئيا فشيئا ظهرت مخاوف من تنامي دور الإنكشارية مع قوتهم المصحوبة بأوقات فراغ طويلة فصدر القرار السامي بالموافقة لهم على امتهان الحرف والعمل في التجارة.في محاولة لإشغالهم عن إدارة مخططات ضد الحكم.
لماذا قدسوا النحاس
جعل الإنكشارية لقدور النحاس مكانة تقترب من القداسة، وطالما اصطحبوها في حلهم وترحالهم ومواجهاتهم، فحولها كانوا يجتمعون وبها كانوا يعطون إشارات الرفض للقرارات، حتى وإن كانت قرارات رسمية.
وكانت تلك الإشارة تصدر منهم بقلب هذه القدور. وكان عددهم في بداية ظهورهم محدودا لم يتجاوز الألف جندي إلى أن تزايد ذلك العدد من ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف عنصر.
السلطان يأتمر بأمرهم
تمادى الإنشكارية في قوتهم إلى التمرد على السلطان ذاته فاستهدفوا اليد التي امتدت إليهم بالعطاء وأجبروا السلطان ذات مرة على تنفيذ مطالبهم بعد أن رفضوا تعيين سلطان لم يتجاوز أربعة عشر عاما من العمر .
وكان لهم مع كل سلطان موقف رافض مرة ضد قرارات رسمية وأخرى اعتراضا على قلة المكافآت الممنوحة لهم. ووصل بهم الأمر إلى عزل السلطان مصطفى الأول. وأنهوا حياة آخر.
السيطرة على المعارضة
أيقن سلاطين الدولة العثمانية أن الإنكشارية خرجوا عن النص المرسوم لهم، واعتزموا التخلص منهم فتم التخلص من فرق صغيرة منهم، وإرسال قوة كبيرة منهم للسيطرة على رافضي الحكم العثماني في اليونان ولم تنجح تلك الفرقة في مهمتها.
إجماع الفقهاء على التحرك
مع زيادة قوة الإنشكارية تحولوا إلى خطر على البلاد والعباد، أمر السلطان فقهاء الدولة العثمانية باجتماع عاجل في دار الفتوى، وخلص المجتمعون إلى أهمية إنهاء وجود الإنكشارية من الحياة، تسربت أخبار الاجتماع إلى الإنكشارية سريعا
واجتمعوا في أكبر ميدان وقرروا قلب القدور في رسالة غضب وجهوها إلى السلطان الذي استبق تحركهم بقرار عاجل وتقرر الدفع بقوات كبيرة نحوهم وإنهاء وجودهم من الحياة.