استطاع المسلمون حكم بلاد الأندلس طيلة ثمانية قرون، تميزت هذه المدة الطويلة بمحطات تاريخية عديدة؛ من بين تلك المحطات معركة “جنجالة” أو ما تسمى عند المسلمين “موقعة البسيط” بالأندلس ، ما الذي حدث فيها ، وكيف هزم المسلمين سأحكي لكم في التالي:
خلال عهد ملوك الطوائف بالأندلس الذي أعقب فترة سقوط الدولة الأموية بالأندلس سنة 1031 م، قامت دويلات عدة استفردت بحكمها أسرٌ حاكمة.
منها أسرة ابن هود التي حكمت مدينة سرقسطة أو الثغر العالي حتى سقوطها بيد الممالك المسيحية سنة 1117م.
ويعدّ المستعين بالله، أوّل حُكَّام سرقسطة من أسرة بني هود، وقبل أن يتوفى المستعين بالله، قسَّم مملكة سرقسطة بين أبنائه الخمسة، وهو الأمر الذي تسبب في قيام صراع بين الإخوة
وقبل وفاته أيضاً، قسّم “المقتدر بالله” المملكة بين ابنيه أبي عامر يوسف الملقب بـ”المؤتمن”، وأخيه المُنذر، اللذين تقاتلا واستعان كل منهما بملوك الممالك المسيحيّة، فصار جيش مملكة سرقسطة خليطاً بين الجند المسلمين والمسيحيين.
ثم حكم الملقب ب “عماد الدولة”لكن سرعان ما سقط عماد الدولة في شراك العمالة، فتحالف مع الممالك المسيحية ورفض تسريح المسيحيين من جيشه.
أغارت جيوش الممالك المسيحية على بلاد كثيرة من الأندلس وسيطروا عليها، وقاموا بالتنكيل بسكانها المسلمين، وحينها لم يجد المسلمون في تلك المناطق حلاً سوى الاستنجاد بسيف الدولة، مقابل إعلان البيعة له.
طلب سيف الدولة من جيوش ألفونسو السابع أن ترفع يدها على أراضيه، فرفضوا الاستجابة له، فقرر سيف الدولة التحالف مع ابن عياض حاكم بلنسية الجديد وقائد جيوشها، الذي استدعاه لحكم مرسية.
لم تمض سوى أيام قلائل على مقدم سيف الدولة إلى مرسية، حتى جاءت الأنباء باعتداءات جيوش قشتالة، أسرع ابن عياض وسيف الدولة إلى لنجدته، لتنشب واحدة من أكبر المعارك في تاريخ الأندلس هي معركة جنجالة.
ففي يوم الجمعة 5 فبراير 1146 م، التقى جيش سيف الدولة وابن عياض مع جيوش قشتالة في موضع يسمى “اللج” في ظاهر بلدة البسيط على مقربة من جنجالة، فوقعت الهزيمة على المسلمين، وقتل في الموقعة عبد الله بن سعد قائد جند بلنسية، وابن حمدين الملقب بالمستنصر والذي كان ملكاً على مرسية في السابق.
أما سيف الدولة فتم أسره في المعركة ثم قتل من طرف بعض الجند في الجيش القشتالي الذين كانوا يجهلون هويته، ولمّا علم ألفونسو السابع بخبر مقتل صديقه القديم سيف الدولة حزن كثيراً وأعلن براءته من دمه.
لحق بجيش مرسية وبلنسية بخسارة فادحة في تلك المعركة، وارتدّ ابن عياض بما تبقى من جيشه إلى بلنسية، فكانت لخسارة المعركة وقع شديد على شرق الأندلس الذي بدأ في السقوط في يد مملكتي قشتالة وأرغون تدريجياً، فسقطت قرطبة سنة 1236 م، وبلنسية سنة 1237، ثم مرسية سنة 1243 م وبعدها بسنة سقط ثغر دانية، لينتهى بذلك آخر معاقل المسلمين شرق الأندلس.