إنها الوثيقة الأغرب في العالم بدأت بكلمات غزل وانتهى الأمر إلى تدخل رئاسي أمام وكيل العروس التي فوجئ والدها بالموكب المهيب القادم بقرار الرئيس. وكان أمام الوالد خياران لا ثالث لهما .. إما أن يوافق أو يتحمل ما سيحدث..
مسرح الأحداث كان قاعة في قلب العاصمة العراقية بغداد حيث تجمع العراقيون ينتظرون الدبلوماسي والشاعر
السوري الكبير نزار قباني .كانت المناسبة مهرجانا للشعر تم تنظيمه ودعوة كبار الشعراء والمثقفين.. فماذا فعل نزار؟
بداية الحب
اصطف الجميع في مواقعهم ، وحان وقت الفقرة المخصصة لنزار قباني ليلقي قصائده . وفي أحد جوانب القاعة التي سادها الصمت جلس الجميع يسمعون الشاعر الذي كان عليه أن يوزع نظراته بين المتواجدين في القاعة.. لكن نزار أرجع بصره مرة وراء أخرى على مقعد معين دون أن يلحظ الحاضرون.. فمن كانت صاحبة المقعد؟
على ضفاف الأعظمية
إنها سيدة عراقية فائقة الجمال ، قرر نزار أن يتقدم لخطبتها وبدأ يجمع المعلومات عنها ، وعلم أنها من منطقة الأعظمية
ولأبيها بيت مطل على نهر دجلة.
تحمس نزار لبلقيس التي جمعت بين الجمال والأصل والأخلاق ، لكن على باب بيت والدها حدثت المفاجأة التي صدمته.. فماذا قال الوالد؟
لماذا رفض الوالد نزار؟
علم والد بلقيس بما قاله نزار بحق ابنته، فقد تغزل فيها بقصائد الشعر، وكانت تلك القصائد سببا في رفض والدها تزويجها نزار.
فقد كان من عادات وتقاليد العرب أنهم يرفضون تزويج سيداتهم من رجل قال فيهن قصائد الغزل.
سبع سنوات من الصبر
حزن نزار لذلك حزنا شديدا ، وإلى العراق عاد مرة أخرى بعد سبع سنوات قاسية مرت عليه كأنها مئات السنين، وقرر التلميح للموقف الذي تعرض له حينما رفض والد بلقيس زواجهما وأمام جمع كبير من العراقيين في إحدى الفعاليات وقف الشاعر السوري يردد ووجهه تعلوه علامات الحزن فماذ قال نزار حتى أبكى العراقيين؟
تلميح وصل إلى الرئاسة
وقف نزار يردد أشعاره :
كان عندي هـنا أميرة حبٍ
ثم ضاعت أميرتي الحسـناءُ
أين وجهٌ في الأعظمية حُلوٌ
لو رأته تغار منه السـماءُ؟.
تحولت القصيدة إلى قضية رأي عام في العراق وسوريا ووصلت أزمة نزار وحزنه على عدم زواجه ببلقيس إلى مسامع الرئيس العراقي وقتها أحمد حسن البكر..وهنا تدخلت الرئاسة ذاتها.
قرار رئاسي
أصدر الرئيس العراقي وقتها قرارا بتشكيل وفد رسمي يضم وزير الشباب وعددا من كبار رجال الدولة العراقية للوساطة
بين والد بلقيس ونزار قباني ، وقبول طلب الشاعر السوري بالزواج من جميلة العراق.
موافقة بعد طول انتظار
اخيرا قبل والد بلقيس الراوي بزواج ابنته من نزار الذي سطر بحقها أجمل القصائد، وهو القائل فيها بعد مرور
عشر سنوات من زواجهما: أنها الوحيدة التي احتملته.
وفي عام ألف وتسعمائة وواحد وثمانين كانت قصة الحب المقدسة على موعد مع الألم، فقد خرجت بلقيس لعملها في
بيروت بعد أن ودعت نزار ولم تعد .وكتب عن رحيلها أشد القصائد تأثيرا ، حينما وصف مستهدفيها بأنهم (أنهوا حياة الرسولة).