يذخر التاريخ المصري بشخصيات كتبوا أسماءهم بحروف من نور، ومن بينهم المشير أحمد إسماعيل، الذي عُرف بحبّه الشديد للوطن والقوات المسلحة، وإصراره على النجاح وتحقيق حلمه، خلّدت الذاكرة الوطنية المصرية اسمه ليعيد إلى الأذهان مشاهد وصور عودة الكرامة والنصر للشعب بعد إزالة آثار النكسة في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973.
برز دور المشير أحمد إسماعيل كقائد عسكري وذاع صيته وبريقه بعد تعيينه مديرًا لجهاز المخابرات العامة من قبل السادات عام 1971.
ونستعرض في التقرير التالي أبرز المعلومات والأسرار عن المشير أحمد إسماعيل:
نشأته
تربى المشير أحمد إسماعيل في بيت عسكري، فقد وُلد في 14 أكتوبر 1917 بحي شبرا بمحافظة القاهرة، وكان والده يعمل ضابط شرطة.
فشله في الالتحاق بالكلية الحربية
بعد حصول أحمد إسماعيل على شهادة الثانوية العامة حاول الالتحاق بالكلية الحربية ولكنه فشل والتحق بكلية التجارة.
وفى العام الثاني من كلية التجارة تقدم بأوراقه مع الرئيس الراحل أنور السادات للالتحاق بالكلية الحربية، إلا أن طلبهما رفض؛ لأنهما من عامة الشعب.
أمر ملكي
تم قبول إسماعيل بالكلية الحربية بعد أن أصدر الملك فؤاد الأول قرارًا بقبول طلاب الكلية الحربية من عامة الشعب، وقدم «إسماعيل» أوراقه بعد إتمام عامه الثالث بكلية التجارة ليتم قبوله أخيرًا وتخرج فيها عام 1938.
نجاح باهر
بعد تخرجه من الكلية الحربية، تألق المشير إسماعيل في الحرب العالمية الثانية التي اشترك فيها كضابط مخابرات في الصحراء الغربية وحرب فلسطين، واستطاع أن يكون قائدًا لسرية مشاة في رفح وغزة، ما أهله ليكون أول مَن أنشأ نواة قوات الصاعقة أثناء العدوان الثلاثي الذي قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر في خريف عام 1956.
الدورات العسكرية
التحق «إسماعيل» بكلية مزونزا العسكرية بالاتحاد السوفيتي في عام 1957م، وعمل كبيرًا للمعلمين في الكلية الحربية، وبعد ذلك تركها ليتولى قيادة الفرقة الثانية مشاة التي أعاد تشكيلها لتكون أول تشكيل مقاتل في القوات المسلحة المصرية.
قاهر إيلات
وخلال عام 1960 حاولت مراكز القوى الإطاحة به وكان برتبة عميد، وبعد عام 1967 م وجدت تلك المراكز مبررًا للإطاحة به ونجحوا في ذلك إلا أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر استدعاه وعينه قائدًا لقيادة القوات بشرق قناة السويس.
وبعد ثلاثة شهور فقط من معارك 1967، أقام أول خط دفاعي، كما قام بإعادة تنظيم هذه القوات وتدريبها وتسليحها، وبعد فترة قصيرة تمكنت هذه القوات أن تخوض معركة رأس العش ومعركة الجزيرة الخضراء وإغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات».
إقالة
بعد أيام من نكسة 67، أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قرارًا بإقالة عدد من الضباط وكبار القادة وكان من بينهم أحمد إسماعيل وبعد أقل من 24 ساعة أمر الرئيس جمال عبدالناصر بإعادته للخدمة وتعيينه رئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة.
رئيس الأركان
عين المشير إسماعيل رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة على الجبهة في التاسع من شهر مارس عام 1969، وذلك بعد استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، وفى الثاني عشر من شهر سبتمبر من هذا العام تم إعفاؤه من منصبه؛ بسبب إنزال الزعفرانة وترك الحياة العسكرية.
رئيس المخابرات العامة
وبعد وفاة الرئيس عبدالناصر عام 1970 وتولى الرئيس أنور السادات، تم تعيين أحمد إسماعيل في 15 مايو 1971 رئيسًا للمخابرات العامة وبقي في هذا المنصب ما يقرب من عام ونصف العام حتى 26 أكتوبر 1972 عندما أصدر الرئيس السادات قرارًا بتعيينه وزيرًا للحربية وقائدًا عامًا للقوات المسلحة خلفًا للفريق أول محمد صادق ليقود إسماعيل الجيش المصري في مرحلة من أدق المراحل لخوض ملحمة التحرير.
قائد الجبهات الثلاث
وفي 28 يناير 1973، عينته هيئة مجلس الدفاع العربي قائد عام للجبهات الثلاث المصرية والسورية والأردنية، في عام 1972، قرر السادات إعفاء الفريق أول محمد صادق وعين أحمد إسماعيل مدير جهاز المخابرات العامة لخلفيته العسكرية، وحصل على أدق المعلومات عن قدرات الجيش الإسرائيلي بحكم منصبه، وخوضه معارك ميدانية عديدة قبلها.
وزير الحربية
واستدعى الرئيس السادات، أحمد إسماعيل إلى منزله في الجيزة في 26 أكتوبر وكلفه بمنصب وزير الحربية والاستعداد للحرب بأسرع وقت، وبأعلى درجات الكفاءة، وبالفعل بدأ ارتداء البدلة العسكرية من جديد وتولي أرفع منصب في الجيش وقيادة أخطر المعارك في تاريخ الوطن معركة أكتوبر.
دور قيادي
تميز المشير أحمد إسماعيل بدور معنوي كبير وقيادي في حرب أكتوبر أنقذ الجبهة المصرية من الانهيار وبعد قرار السادات تطوير الهجوم وتوغل القوات المصرية لتخفيف الضغط على الجبهة السورية حدث الخلاف الشهير بين الرئيس السادات ورئيس هيئة الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي، وقرر السادات إعفاء الأخير من منصبه بشكل مؤقت.
وكانت للفريق الشاذلي شعبية واسعة في الجيش بين كبار القادة والجنود، إلى جانب أن الخلافات بدأت في عز اشتعال المقاومة الإسرائيلية وظهور ثغرة الدفرسوار، بالإضافة إلى الحساسية التي كانت تسيطر على علاقة إسماعيل والشاذلي، وميل الأول إلى تأييد الرئيس على حساب آراء رئيس الأركان في التعامل مع الثغرة.
وفاته
وتوفى إسماعيل يوم الأربعاء ثاني أيام عيد الأضحى 25 ديسمبر 1974 عن 57 عامًا في أحد مستشفيات لندن بعد إصابته بسرطان الرئة.
وبعد أيام من اختيار مجلة الجيش الأمريكي له كواحد من ضمن 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكًا جديدًا.