«بقرة مُقدسة.. تشفي من الأمراض وتبارك الأطفال».. بهذه الكلمات وصف أهالي عزبة الأسيس الواقعة بين محافظتي كفر الشيخ والغربية المجاورة لعزبة محمود عطية بكفر دخميس بقرة التاجر محمد جلال.
«البقرة المُعجزة»
بدأت الواقعة على حد وصف بعض الأهالي بـ «ورم» في ثدي البقرة، حيث قال جلال محمد جلال ابن مالك البقرة المزعومة، إن عمر البقرة عام وظن أن صدرها به ورم نظرًا لكبر حجمه مقارنة لسن الحيوانات المماثلة لها، لافتًا إلى أنه تبين خطأ اعتقادهم عقب إجراء أطباء من البحوث الكشف الطبي عليها، وتبين أنها غير مصابة بأي أورام، ووجدوا أن اللبن الذي تنتجه يختلف عن بقية الألبان بالأبقار الأخرى.
علاج من الأمراض
وأضاف «جلال» بدأت الأمور تختلف، حيث اكتشفنا قدرة لبن القرة على علاج مرض السكري، ليبدأ توافد العشرات من الأهالي أمام المنزل للحصول على أكواب من اللبن لشربه بعدما انتشر خبر «العجلة المعجزة».
ووفقًا لما قاله ابن مالك البقرة، جاء مواطن يطلب كوبا من لبن لمريض مصاب بمرض السكر، لأن أقاربه تناولوا اللبن وشعروا بالارتياح بعدها – على حد زعمه، فحدد ابن مالك البقرة، يوم الأربعاء بعد المقبل بعد 10 أيام، ليحصل على طلبه.
إنتاج يومي
وأضاف جلال، أن والده يرفض تمامًا أي شخص يدخل لرؤية البقرة، لافتًا إلى أن ما تنتجه يوميًا كوبين صغيرين من اللبن صباحًا وعصرًا يتم توزيعهما على الراغبين للحصول على اللبن بقصد الشفاء من الأمراض وخاصة مرض السكر، وينال كل منهم شربة صغيرة من غطاء دواء مجانًا.
وأوضح ابن مالك البقرة المزعومة، أن والده اضطر لتحديد مواعيد للراغبين لتناول جرعات اللبن وصلت لـ 10 أيام لكثرة المقبلين، مشيرًا إلى أن طعم اللبن جميل المذاق ويختلف عن طعم اللبن من الأبقار الأخرى، مضيفًا أن البعض عرضوا على والده شراء البقرة مبالغ كبيرة، لكنه رفض رغبة منه لتوزيع لبنها لوجه لله دون الحصول على مقابل.
تهافت الناس
وفي سياق مُتصل، قال محمد حسن، من أهالي القرية، إن عدد كبير من قرى كفر الشيخ وقرى محافظة الغربية يتوافدون للقرية للحصول على شربة لبن، لافتًا إلى أن الأهالي يتوافدون فجرًا وعصرًا للحصول على شربة اللبن ويعودون لقراهم، مؤكدًا على أن صاحب البقرة اكتشف أنها تنتج لبنا رغم أنها بكر، فتم استدعاء دكتور بيطري وأخذ عينة ثم جاء مرة أخرى ومعه عدد من الأهالي لأخذ عينة أيضا معتقدين أن البقرة تشفى جميع الأمراض.
علاج المراض
زعمت ريهام أحمد عبد الله، ربة منزل، أن حفيدها «عبد الله» 10 سنوات كان يعاني من التهاب رئوي، وتناول شربة لبن وتم شفاؤه، مشيرة إلى أن هناك عدد من الأهالي يتوافدون على المنزل.
كما زعم أيضًا على عبد الرحمن محمد من مركز بيلا، مريض بالسكر، أنه تناول شربة لبن منذ عدة أيام وبعد إجراء التحاليل جاءت نسبة السكر أقل من المعتادة، لذا قدم للقرية ليأخذ جرعة أخرى.
رأي الدين والعلم
وفي هذا الصدد، قال الشيخ سعد الفقي، وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ، إن تهافت الناس على مثل هذه الأمور للأسف هو من السخافات التي تنتشر في المجتمعات التي يسود فيها الجهل وليس لها أساس في الدين أو في العلم، مضيفًا: «فاللبن بدايةً، حبذ النبي صلى الله عليه وسلم شربه لما فيه من فوائد صحية وقد أكد ذلك أهل العلم، ففيه الكالسيوم والمواد البروتينية، لكن على المرضى الذهاب إلى الأطباء وأهل العلم المتخصصون فهم دون غيرهم من يمتلكون الوقوف على أسباب الأمراض وطرق العلاج».
وأضاف الفقي: «نحن في عصر العلم، ولزاما على الناس أن يبحثوا عنه، أما الاعتقاد في أن العجل الفلاني فيه شفاء للأمراض فهذا لا يليق بنا ومصر على مر الزمان تحتل الصدارة في شتى فروع الطب».
وبدوره، أكد الدكتور نشأت عبد الباري، مدير عام الطب البيطري بكفر الشيخ، على أن ما تردد عن شفاء لبن العجل للأمراض خرافات لا صحة له، مشددًا على أنه متخصص في الصحة العامة وعلى مدار 40 عامًا كاملة لم ير مثل ذلك، مشيرًا إلى أن اعتقاد الأهالي في ذلك تسبب في إصابتهم بالأمراض، خاصة أن أكثر المصابين بفيروس سي تناولوا «بول الأبل» اعتقادًا منهم أن يشفى الأمر فكان نتيجة اعتقادهم إصابتهم بالفيروس.
ومن جانبه، أكد الدكتور سعد محمد عامر، طيب بيطري، على أن اللبن الموجود بالبقرة لا يشفى الأمراض، وإنما هو مجرد هرمونات زائدة بها، وأن الحالة النفسية وتقبل المرضى لذلك يعتقدون أنه يشفيهم.