«لا بد أن يشعر المواطن بالتحسن حتى يُقِر بأن الدولة في صفه وتعمل لصالحه».. تعليمات مباشرة في اجتماعات حكومية رسمية متواصلة قد تحمل نتائج إيجابية للمواطنين لكنها لن تكون إيجابية أبدًا بشأن التجار المحتكرين و لوبي التحكم بالأسعار.
أمام تقارير متتالية بشأن حالة الغلاء التي أثرت على المصريين كافة؛ لم تجد الدولة بُدًا من فرض قرارات جديدة اعتدادًا بتعليمات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لضمان حصول المواطنين على حقوقهم وعدم وقوعهم ضحية لمجموعة من المحتكرين.
رئيس الوزراء المصري يعترف بأزمة الأسعار وأن الدولة تحاول التدخل للتخفيف من تداعياتها لكن يبدو أن الحكومة وبتعليمات من الرئيس نفسه تخطط لأمر آخر.
الإجراءات التي لا تريد الحكومة الإعلان عنها في الوقت الراهن كانت الشغل الشاغل لاجتماعات دورية على مستوى مجلس الوزراء، وتقوم آلية الدولة في احتواء مطالب المواطنين بشأن الأسعار على تصور دقيق يقوم على تقدير موقف بشأن توفير العملة الصعبة الفترة القادمة حتى منتصف العام المقبل ألفين واثنين وعشرين.
«الرئيس بدوره يدعم القطاع الصناعي بتوجه يرتكز على القضاء على التضخم وتقليل حجم الاستيراد».. إلى تلك النتيجة يشدد الخبراء الاقتصاديون على أن للدولة توجها يضمن احتواء تداعيات الأسعار المرتفعة يوما تلو آخر، هذا التوجه يعتمد أيضًا على خطة ممنهجة تقوم على «توطين الصناعة» خصوصًا وأن دوائر صناعة القرار في البلاد رصدت سلعًا لم تكن مصر بحاجة إلى استيرادها وتحمل تكلفة الاستيراد من العملة الصعبة. وذلك حال تصنيع تلك السلع محليًّا.
تعتمد خُططُ الحكومةِ في توطين الصناعات بحيث تكون المنتجات صناعة مصرية خالصة على أن تقترن إجراءات التوطين بتوفير فرص عمل للشباب سواء كانت تلك الفرص مباشرة أو غير مباشرة، مع تقليل الاستيراد إلى حدوده الأدني وفق الخبير الاقتصادي عبد الرحمن عيد.
تواصل الحكومة في سياق الإجراءات المتواصلة لدعم قيمة العملة المحلية تهيئة الإجراءات اللازمة لوجهات تصديرية جديدة في القارة الأفريقية والعديد من دول العالم؛ وذلك في سياق السيطرة على ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه المصري.
ومحليا تعتمد خطط الدولة على تشديد الرقابة على الأسواق وعلى سوق الصرافة لمنع ظهور أي سوق موازية لسعر الدولار، مع مضاعفة الجهود لزيادة الانتاج المحلي والوصول به إلى معدلات عالية؛ تضمن لها الدولة توفير العملة الصعبة بعد أن أثبتت التجربة أن ربط الاحتياجات المحلية بالاستيراد مغامرة غير مأمونة العواقب، وليس أدل على ذلك من ارتفاع قيمة الدولار أمام العملة المحلية في الفترة الأخيرة.
ترتكز إجراءات الدولة أيضا على توفير المنافذ الحكومية للسيطرة على غلاء أسعار السلع الغذائية ومنع ترك المواطن عرضة لتقلبات السوق وذلك من خلال دعم أربعة وثلاثين سلسلة تجارية وأكثر من ألف فرع لتوفير السلع في مختلف المحافظات والتركيز على الدفع بالقوافل التموينية في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية؛ كونها المحافظات المعروفة بارتفاع عدد السكان فيها وزيادة الطلب على السلع الغذائية.