كشف الخبير الأمني ووكيل مصلحة الأدلة الجنائية الأسبق فارس غبور عن تفاصيل جديدة حول حادث «مذبحة الرحاب»، والذي راح ضحيته رجل الأعمال عماد سعد، و٤ من أفراد أسرته، قبل أسابيع، كاشفًا عن الإجراءات المتبعة في تحديد هوية الجناة خلال الحوادث المشابهة.
ومن خلال تصريحات صحفية، قال «غبور» إن «مذبحة الرحاب» تعتبر من أهم القضايا المطروحة على الساحة حاليًا، لكونه يتعلق بمقتل رجل أعمال و٤ من أفراد أسرته في ظروف غامضة، لذا تحتاج إلى دراسة الاحتمالات المتعددة، لمعرفة أيها الأقرب للحقيقة.
وكشف وكيل مصلحة الأدلة الجنائية الأسبق أن منطقة الرحاب شهدت قبل ٤ سنوات واقعة مماثلة، قتل فيها رب أسرة مكونة من ٣ أفراد أسرته، بعد مروره بحالة نفسية سيئة، معتبرًا أن الحادثين متشابهان بدرجة كبيرة.
وأشار وكيل مصلحة الأدلة الجنائية الأسبق إلى أن التقارير المبدئية بشأن مسرح جريمة الرحاب، تساعد كثيرًا في حل لغز الحادث، ضاربًا المثل في إحدى القضايا، التي رصد فيها الخبراء وجود بصمة إصبع لطفل في مسرح الجريمة، ثم تبين بعد ذلك أنها تخص شخصًا لديه ٦ أصابع في يده وليست لطفل، وكان يستخدم بصمة الإصبع الزائد لتضليل الأجهزة الأمنية.
وعن فرضية إطلاق الأب النيران على أفراد أسرته، ومدى قدرته على استخدام الأسلحة بهذه الدقة، التي تمت بها العملية، قال الخبير الجنائي: الجريمة يحيط بها الغموض من كل جانب، لذا فإن حل لغزها يكون عادة في تقارير الأدلة الجنائية والطب الشرعي، ويحتاج إلى تشريح جثمان الأب، وتحديد أسباب الوفاة وكيفيتها، مع وضع التصور الأمثل لتنفيذ الجريمة.
وأضاف: الطب الشرعي هو من يتولى تنفيذ أول خطوة في حل لغز الجريمة، عن طريق أخذ عينة من متحصلات المعدة، لتحليلها، ومعرفة نوعية الطعام الذي تناوله المجني عليهم قبل وقوع الجريمة، وهل توجد به مادة مخدرة، وما نوعية هذه المادة إن وجدت، وهو ما يمكن من حل جزء كبير من القضية.
موضحًا: الرصد المبدئي لمسرح الجريمة يوضح أن عملية إطلاق النار على الزوجة والأبناء الثلاثة، تمت في غرفة كل منهم، دون أن يتحرك الآخرون، ما يرجح إمكانية تناولهم مواد مخدرة، قبل تنفيذ الجريمة.
وعن بعض التقارير حول وجود طلقتين بكل جسد، بمجموع ٨ طلقات، مع وجود١١فارغًا في محل الجريمة، قال: الطب الشرعي والأدلة الجنائية سيحددان عبر دراستهما مسرح الجريمة صحة ذلك من عدمه، مع تحديد أماكن فوارغ الطلقات، واتجاهات الطلقات، ومسافة إطلاق كل طلقة، ومكان تواجد الجثث، ما يعطى تصورًا لآلية تنفيذ الجريمة.
وكشف أن خبراء الأدلة الجنائية وخبير التصوير يكونون عادة أول من يصل إلى مسرح الجريمة، لتصوير المكان بالكامل، ورصد مكان كل جثة ووضعيتها، مع تصوير أماكن الطلقات الفارغة، ومحيط الجريمة بالكامل قبل أي تغيير فيه، كما يحددون نوعية الفوارغ الموجودة، ومقارنتها بالمقذوفات المستقرة بالجثث، وتحديد مدى مطابقتها لنوعية الأسلحة المستخدمة في الجريمة، سواء كان واحدًا أو أكثر.
وأضاف: هذه الخطوة تساعد كثيرًا على وضع تصور لآلية التنفيذ، كما حدث مثلا في قضية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، على يد الجماعات الإرهابية في تسعينات القرن الماضي، بعدما نجحت الأجهزة في التعرف على عدد الجناة، وكيفية تحركهم، وطريقة تنفيذهم للعملية، عبر تتبع الفوارغ، وتحديد نوعية الأسلحة المستخدمة، ما ساعد كثيرًا في التوصل إليهم.
الخطوة الثانية في الإجراءات المتبعة لحل لغز الجرائم المماثلة، وفق «غبور»: يأتي بعد ذلك دور خبير البصمات، الذي يرفع جميع البصمات لساكني المكان، والمجني عليهم، ويحدد إمكانية استضافتهم بعض الزوار، في محل الحادث، ورصد البصمات الغريبة في المكان.
وتابع غبور: بعد خبير البصمات، يأتي دور ضباط مسرح الجريمة، الذين يعملون على جمع الأدلة وطرح الاستنتاجات المبدئية حول بعض الآثار الموجودة بالمكان، وهي خطوة مهمة وتساعد عادة على حل ألغاز كثير من القضايا، قبل بدء الإجراءات القانونية للتحقيق.
واستكمل: كافة الأدلة الموجودة بالقضية تكمل بعضها البعض، فمثلًا متابعة التليفونات الخاصة بالمجني عليهم، والأرقام الموجودة بها، وآخر عمليات اتصال تمت منها، وفحواها، يساعد على معرفة الحالة النفسية والاجتماعية للمجني عليهم قبل وقوع الجريمة.
كما أن فحص العلاقات البنكية، وحركة إيداع وسحب الأموال، وغيرها يكشف بعض النقاط المالية، ما يساعد على تحديد دوافع الجريمة.
وحول التكتم على تفاصيل التحقيقات، وعدم نشر نتائجها المبدئية في هذه النوعية من القضايا، أكد الخبير أن التكتم عادة يكون في مصلحة القضية، لأن القاتل عادة يحاول تتبع آخر المستجدات التي توصلت إليها الأجهزة، ما يساعده على إخفاء أثره، أو الهروب قبل التوصل إليه.