انطلق أذان الفجر من أول أيام شهر رمضان المبارك، معلنًا بداية الشهر الكريم، وبينما يستعد الأب العجوز للوضوء لأداء الصلاة بالمسجد، كان ولده يخطط كيف يُنهي حياته.
استرخى الأب، والذي يبلغ من العمر ٨٦ عاما بجسده النحيف فوق فراشه بعد عودته من المسجد، حتى غلبه النعاس، وعلى ميعاد كل يوم استيقظ لأداء صلاة الفجر في المسجد كالمعتاد.
أخذ الأب يتكئ على طرف سريره حتى تمكن من الوصول إلى الكرسي المتحرك الخاص به كي يتوجه إلى دورة المياه، استعدادا للذهاب للمسجد ولصلاة الظهر في جماعة، وفجأة؛ توقف يقترب ببطء شديد من غرفة ابنه المقيم معه، حيث إن هناك أصواتا منبعثة من الداخل.
اشتاط الأب العجوز غيظا واقتحم عليه الغرفة ليجده في وضع مخل مع إحدى النساء، علا صوته الضعيف، وكادت حنجرته أن تتمزق من كثرة صراخه المكتوم، وكاد أن يغشى عليه من تصرف ابنه الشيطان في أول يوم من أيام رمضان المعظم.
بينما اتخذت المرأة الخائنة أحد أركان الغرفة، وانعقد لسانها عن الكلام، تتابع بعين زائغة وخوف، ورهبة رد فعل الابن الذي يحمل بين ضلعيه حجر صوان، حيث لم يرحم شيخوخة أبيه المسن، وانقض عليه بقسوة غير مسبوقة، وشل حركته.
وتمكن من كتم أنفاسه بينما جحظت عين الأب وتجمدت الدموع في عينيه مستسلما دون حراك، وبداخله ألم وغصة، وحسرة.
وبنظرات تائهة جامدة يشوبها توسل واستعطاف بأن يتركه، إلا أن الابن أحكم قبضة يده على فمه مستخدما قطعة من القماش، ولم يتركه إلا بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة تساقطت على إثرها دموع الحزن والحسرة مما فعله فلذة كبده.
استجمع الابن «الشيطان» قواه، وهداه تفكيره بعد أن استولى على مبلغ ٥٠ ألف جنيه خاص بأبيه، وترقب الطريق حتى هدأت الأعين، وتمكن من الهرب مع عشيقته، وبدموع التماسيح، توجّه إلى قسم شرطة دار السلام يتقدم ببلاغ يفيد بأنه أثناء عودته اكتشف وفاة الأب ممددا فوق السرير، بينما كان باب الشقة مفتوحا، ولم يتهم أحدا، معتقدا بذلك الهرب من عدالة السماء وارتكابه جريمتي القتل، والفسق في أول أيام رمضان.
على الفور قرر العميد محمد الشرقاوي رئيس مباحث قطاع الجنوب، تشكيل فريق بحث للوقوف على حقيقة الواقعة، وعدم اقتناع رجال المباحث برواية الابن الشيطان، خاصة بعد أن وردت التحريات تفيد بأنه مدمن، واعتاد مصاحبة النساء داخل منزل أبيه المسّن مستغلا شيخوخته، وعدم قدرته على الحركة، وكثرة الخلافات بينهما بسبب تصرفاته الحمقاء، وبتضييق الخناق عليه، والقبض على المرأة التي كانت بصحبته، اعترفت بصحة الواقعة، وأرشد عن المبلغ المتبقي بعد أن أنفق معظمه على متطلباته الشخصية والمخدرات.
تم تحرير المحضر اللازم، وأحيل إلى النيابة التي تولت التحقيق، وصرحت بدفن جثة الأب العجوز بعد العرض على الطب الشرعي، وقررت حبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات.