اقطع إجازتك وعُد فوراً إلى فيينا.. مكالمة غاضبة تلقاها سفير مصر في فيينا حينها من الرئيس الراحل حسني مبارك طالبه خلالها بضرورة ترك القاهرة والعودة إلى النمسا، فيا ترى ما سر غضب مبارك لهذه الدرجة، تابعونا في تقريرنا التالي.
لم يكن مصطفى الفقي سفير مصر إلى فيينا في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، يعلم أن تصريحاته المناهضة لسياسات الحكومة تجاه إيران والعراق والسودان، ستكون سببًا في غضب مبارك وتهديده له بترك منصبه حال استمر في ذلك.
ففي عشية أحد ليالي شهر رمضان المبارك ، تلقى الفقي اتصالًا هاتفيًا، من على الدين هلال، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في التسعينات، دعاه فيه خلال إجازة له في القاهرة، ليكون المتحدث الرسمي في الإفطار السنوي الذي تقيمه الكلية، بحسب مذكراته «كِتَابِيَهْ» لعمرو موسى الذي كان على رأس الدبلوماسية المصرية حينها.
وبدوره، قَبِل الفقي الدعوة، والتي تحدث خلالها عن العلاقات المتوترة لمصر مع إيران والعراق والسودان، وطالب حكومة مبارك ، بالحفاظ على جسور من العلاقات مع تلك الدول.
لكن يبدو أن تصريحات الفقي، لم تُلقى استحسان الرئيس الراحل، حيث تلقى عمرو موسى في صباح اليوم التالي مكالمة هاتفية من الرئيس مبارك، أخبره فيها بغضب أن الفقي يهاجم سياسات الدولة الخارجية، وقال مبارك: “أخبره بأن يقطع إجازته ويعود فوراً أو يترك منصبه إن لم تكن سياستنا تُعجبه”.
وعلى الفور اتصل موسى بالفقي الذي حذره من إلقاء أي محاضرات أو أحاديث صحفية خلال الفترة المقبلة، لكنه بحسب مذكراته، أخبره ألا يقطع إجازته وأن يستكملها ثم يعود بعدها لاستكمال مهامه في فيينا.
ولم تكن تلك هي الواقعة الوحيدة التي أثار فيها الفقي غضب الأسرة الحاكمة في مصر في عهد مبارك، بل كانت له واقعة مماثلة مع نجل الرئيس حينها جمال مبارك، حينما رفض الامتثال إلى أوامره بالذهاب إلى دولة إسرائيل.
وقال الفقي : “في عام 2004 حينما كنت نائبًا في البرلمان ورئيسًا للجنة العلاقات الخارجية طلبني الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب، ليبلغني قرار الرئيس مبارك بذهابي إلى إسرائيل بعد رفضه ذهاب سرور الذي جاءت الدعوة باسمه”.
وعلى الرغم من تأكيد الفقي أنه لم يرفض الدعوة صراحة وقتها، إلا أنه اشترط أنه في حال ذهابه فيجب أن تسمح له الرئاسة بإلقاء كلمة قبل أو بعد شارون فحواها أن إسرائيل دولة عنصرية، وهو ما قوبل بالرفض، فاضطر الفقي بألا يضع مشواره السياسي على المحك، وأن يتحجج بمرضه وسفره إلى جنيف لتلقي العلاج.
وهو ما دفع جمال مبارك للاتصال به وتهديده بسبب رفضه الامتثال لقرار رئيس الجمهورية وتمثيل مصر، وعلى الرغم من محاولات الفقي العديدة لتبرير موقفه، إلا أنه وبعد عودته إلى مصر وجد نفسه ممنوعًا من الظهور في الإعلام الخاص والمملوك للدولة مدة بلغت سبعة شهور، إلى جانب إقصائه من رئاسة لجنة مصر العالم بعد أسابيع.