دائما مع عرفت هولندا بطواحينها أو الجبن ذا الجودة العالية، ولكنها أيضًا تضم بين أرضها أضخم حقل غاز فى أوروبا والذى قد ينهى معاناة القارة العجوز بعد توقف الغاز الروسى.. ولكن ممنوع الاقتراب أو التصوير ليكون الكنز المحرم على أوروبا.. ما هى القصة؟
قبل أكثر من 60 عامًا، كانت هولندا على موعد مع اكتشاف حقل جرونينجن، والذي بات منذ ذلك الحين أحد المصادر الرئيسة لإمدادات الغاز المحلي في أوروبا، قبل أن يغلق رسميًا.
وساهم تدفق الإنتاج فى أكبر الحقول بأوروبا، فى تلبية الطلب المحلي وتحقيق إيرادات من التصدير إلى العديد من الدول الأوروبية، إلا أنه في السنوات التالية، قررت الحكومة الهولندية طواعيةً الحفاظ على احتياطيات الحقل للمستقبل والتركيز على الإنتاج من الحقول الصغيرة، لكنها لم تكُن تعلم أن تزايد نشاط الزلازل في أوائل العقد الماضي جراء أعمال الحفر، سوف يجبرها على خفض إنتاج حقل جرونينجن للغاز حفاظًا على حياة المجتمعات في المنطقة.
وحرمت هولندا أوروبا من مصدر رئيس لإمدادات الغاز، التي تتهافت عليها الآن في أعقاب الوقائع بأوكرانيا، ليكون حقل جرونينجن الكنز المحرم على أوروبا الاستفادة منه.
وترفض هولندا الدعوات الأوروبية لضخ المزيد من الحقل وعدم إغلاقه، في الوقت الذي تستعد فيه أوروبا لشتاء ربما يكون أصعب شتاء منذ الملحمة العالمية الثانية.
ويرجع الرفض الهولاندى إلى أسباب ذات قيمة لاسيما أن الحفر أدى إلى زلازل متكررة، ويرفض المسؤولون الهولنديون المخاطرة برد فعل عنيف من السكان من خلال الإخلال بالوعود.
وكشفت شبكة Bloomberg الأمريكية، أن حقل جرونينجن الذى كان الدعامة الأساسية لإمدادات الغاز في أوروبا منذ عام 1963، لا يزال يملك احتياطي يبلغ حوالي 450 مليار متر مكعب من الغاز القابل للاستخراج قيمته حوالي تريليون دولار.
ويرفض السكان المحليون أى إغراء مقابل إعادة الحقل للعمل مرة أخرى بسبب الزلازل، مؤكدين أن القارة بحاجة إلى البحث في مكان آخر لاستخراج الغاز
ويقول أحد السكان المحليين ويلنور هولار، 50 عاماً، والذي يعيش في جرونينجن منذ ما يقرب من عقدين، إنه عندما اشترى منزله فى عام 2004، كان قصراً، ولكن مثل آلاف المنازل في المنطقة، تضررت من جراء الزلازل وأصبح مليء بالشقوق وتحول من قصر إلى خراب.
وتضع أزمة الطاقة فى أوروبا بشكل عام وفى هولندا بشكل خاص المسئولين فى أمستردام أمام خيار صعب، لاسيما أنه من المستحيل تجاهل احتياجات المستشفيات والمدارس والمنازل للتدفئة.
ويقول وزير التعدين الهولندي هانز فيلبريف إنه من الخطر الاستمرار في الإنتاج، ولكن لا يمكن للبلاد تجاهل المعاناة في أماكن أخرى في أوروبا، متابعًا : “إن نقص الغاز قد يجبرنا على اتخاذ هذا القرار وعودة العمل فى الحقل.
وبحسب بلومبيرج، سجَّلت منطقة جرونينجن أول الهزات الصغيرة في عام 1986، ومنذ ذلك الحين، كانت هناك مئات الهزات الأخرى، على الرغم من أن معظمه لا يمكن اكتشافه باستثناء الأجهزة، إلا أن زلزالاً بقوة 3.6 درجة ضرب المقاطعة في عام 2012، ما أدى إلى آلاف المطالبات بأضرار في الممتلكات.
وبدءً من عام 2014، فرضت الحكومة الهولندية قيوداً أكثر صرامة على الإنتاج من الحقل، وانخفض الإنتاج من 54 مليار متر مكعب في عام 2013 إلى 4.5 مليار متر مكعب متوقع هذا العام.
وما بين ما يقرب من 327 ألف منزل في المنطقة، أبلغ 127 ألفاً منهم على الأقل عن بعض الأضرار، وفقاً لمعهد جرونينجن لأضرار التعدين. وقد هُدِمَ أكثر من 3300 مبنى في المنطقة منذ عام 2012 لأن الزلازل جعلتها غير آمنة.
وتعانى دول الاتحاد الأوروبى من نقص إمدادات الطاقة، حيث كانت تعتمد على الغاز الروسى فى تغطية 40% من احتياجاتها، إلا أنه مع الوقائع فى أوكرانيا واستهداف خط الغاز نورد ستريم 1 و2 تعطلت إمدادات الغاز إلى أوروبا وكان لابد من البحث عن بديل أخر.
بدلاً من تعزيز إنتاج الغاز من حقل جرونينجن، قامت هولندا بإزالة القيود المفروضة على محطات الطاقة التي تعمل بالفحم للمساعدة في ضمان أمن الطاقة، والانضمام إلى أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين في التحول إلى الوقود الملوث بشدة، كما ضاعفت قدرة استيراد الغاز الطبيعي المسال ومخازن الغاز المملوءة لضمان امتلائها بنسبة 80% قبل الشتاء.. فهل تلجأ هولندا إلى الكنز المدفون لمعالجة أزمة إمدادات الطاقة؟