بأمر الخليفة العباسي المقتدر بالله سار ابن فضلان في رحلة طويلة و شاقة الى اصقاع من العالم كانت مجهولة و متوحشة. حيث يصف لنا الحياة في روسيا و البلغار و قبائل الفايكنغ قبل احدى عشر قرنا من الزمان و يروي ما شاهده من عجائب و غرائب تلك البلاد البعيدة بصورة مشوقة جعلت من رحلته من اهم المصادر التي يعتمدها الاوربيين للتعرف على حياة اجدادهم في تلك الفترة المظلمة من تاريخ اوربا ، فمن هو ابن فضلان وما هي حكايته ، سأحكي لكم قصته في التالي:
رحلة ابن فضلان تحتل اهمية كبيرة و أستثنائية بالنسبة للكتاب و المستشرقين الاوربيين لأنها تصف جانبا من حياة و عادات الاوربيين في ما يسمى بالفترة المظلمة من تاريخ اوربا و خاصة و انها تحتوي على وصف مثير لقبائل الفايكنغ المشهورة و التي تنحدر منها شعوب الدول الاسكندنافية كالسويد و النروج و الدنمارك في فترة كانت الوثنية و الجهل هي السمة الرئيسية لهذه الشعوب.
في رحلته يصف لنا ابن فضلان عادات و تقاليد الشعوب و الامم التي يمر بها في بلاد الترك و الصقالبة و الخزر (روسيا) و اهم جزء في الرسالة هو وصفه لقبائل الرس ” من القبائل الاسكندنافية ” حين قدومها الى بلاد البلغار للتجارة فيقول :
رأيت الروسية وقد وافوا في تجارتهم ، ونزلوا علي نهر إتل ، فلم أر أتم أبدانا منهم كأنهم النخل ، شقر حمر ، لا يلبسون، ولكن يلبس الرجل منهم كساءا يشتمل به علي أحد شقيه ، ويخرج إحدي يديه منه.
و يستمر ابن فضلان بوصف هؤلاء القوم و عاداتهم و لعل اطرف و اغرب جزء من مشاهداته هو الجزء المتعلق بطقوس رحيلهم و كيف يتم التخلص من أجسادهم بعد الرحيل في مراسيم و طقوس تصاحبها تضحية بشرية.
ابن فضلان وصف بشكل خاص شدة البرد في مناطق جورجيا الحالية قائلا “باب من الزمهرير قد فتح علينا، ولا يسقط الثلج إلا ومعه ريح عاصف شديدة”، مشيرا إلى أن شتاء خوارزم صيف مقارنة بها.
أتت جهود المستشرقين والباحثين أكلها وعُثر في عام 1817 على قسم من مخطوطة ابن فضلان في روسيا، نشرته أكاديمية سان بطرسبورغ باللغة الألمانية عام 1923.
وفي العام التالي عثر مهاجر روسي من جمهورية بشكيريا، متخصص في الدراسات التركية والفلسفة يدعى أحمد زاكي على أهم نسخة لرسالة ابن فضلان في المكتبة الملحقة بضريح الإمام علي بن موسى الرضا بمدينة مشهد الإيرانية.
يحاول بعض الباحثين التأكيد على أن رحلة ابن فضلان وبعثته لم تكتف بالوصول إلى نهر الفولغا، بل ذهبت أبعد من ذلك ووصلت إلى مشارف القطب الشمالي في المنطقة الاسكندنافية.
ويبدو أن ذلك جاء بتأثير القصص الخيالية التي أضافها البعض إلى هذه الرحلة الفريدة.
ويعد الروائي والسينمائي الأمريكي ميخائيل كريكتون من أهم من أضاف على مخطوطة ابن فضلان مدعيا الاعتماد على مصادر خاصة غامضة. كريكتون كتب رواية خيالية عام 1976 ، زاعما أنها تحوي النص الكامل لرسالة ابن فضلان.