أسطورة بلاد الشام الذي قضى على زوجته بالخطأ، ثم صنع من رمادها كوزا ليشرب منه طوال حياته، من هو ديك الجان ولم لقب بهذا الاسم
هو أبو محمد عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب الحمصي، ولد في حمص وترعرع فيها ليكون بعدها من أحد أشهر شعراء العصر العباسي.
أُطلق عليه لقب ديك الجان ويرجع سبب نعته بهذا اللقب إلى قصيدة كاملة كتبها في ديك لقي حتفه. شخصيته يملؤها التناقض والغرابة وهي من القصص المحيرة لأبعد الحدود، فمع أنه كان من ألمع شعراء عصره في زمانه، لدرجة أن شهرته بلغت أقاصي الأرض ووصلت إلى مصر والعراق، إلا أنه لم يصلنا عنه أنه كان متملقا للحكام والوزراء في ذلك الوقت طلبا لمكانة أو مال.
بل كان لا يغادر مدينته حمص إلا في حالات نادرة، إذا اقتضت الضرورة الملحة لذلك، وكان بيته ديك الجان في حمص مقصداً لكبار شعراء عصره.
وقال عنه دعبل الخزاعي أشهر شعراء هصره وصفا له أنه كان أشعر الجان والإنس، وفي طريق سفره إلى مصر لقيه أبو نُواس وحدثت بينهما قصة طريفة.
فعندما سمع ديك الجان بوصول أبو نواس اختبأ فورا خِشية أن يراه أبو النواس ويعتبره مقصرا في شعره وأبو نواس. وعندما طرق أبو نواس الباب قالت له الجارية: سيدي ليس في المنزل، فعرف أبو نواس بفطنته أن ديك الجان مختبئ بالداخل فقال لها: «قولي له اخرج فقد فتنت أهل العراق، فخرج إليه وأضافه عنده.
قصة ديك الجان مع حبيبته
ولدى ديك الجان قصة أخرى مأساوية مع جارية أحبها حبا شديدا وافتُتن بها، ودعاها للزواج فوافقت. ليحدث بعد ذلك ما لم يكن متوقعا، ففي أحد الأيام ذهب ديك الجان إلى في سفر ليطلب مساعدة من صديق له وأقام عنده مدة طويلة.
ولدى عودته كانت هناك أخبار تشاع بأن امرأته قامت بخيانته في غيابه، وكرد على خيانتها قام بالقضاء عليها ثم إشعال النار فيها.
وتقول بعض الروايات بأن ديك الجان قد لملم رماد ورفات جسد محبوبته وصنع منه كوزا ليشرب منه بعدها طوال حياته لتختلط مذاق مشروباته كُلها مع طعم زوجته الفقيدة التي أرداها بنفسه مثواها الأخير.
ومثل هذا النوع من الحب والرمانسية الغريبة العجيبة إن صح عن ديك الجان أبو سلمة، فما هو إلا إمتداد لغرابة شخصيته وأطواره التي عُرف بها على مدار تاريخه.
وبهذا كان نادما على ما فعل طوال حياته، يذوق ويستطعم ألم فراقها كل يوم وليلة، حتى أنه نَظم فيها عديد أبيات الشعر الحزين والتي كونت فيما بعد ديوانه المشهور والمليء بأبيات الرثاء لزوجته وحبيبته المغدورة. لينطبق عليه قول الشاعر واليوم أنتَ بدار الذلِّ مُمتهنٌ*** صِفرُ اليدين فلا بأسٌ ولا كرمُ.