أيام قليلة تفصلنا عن حدث من أكبر الأحداث على المستوى العربي، وهو قمة جامعة الدول العربية التي تستضيفها هذه المرة السعودية في الرياض خلال شهر مايو المقبل.
ومع المحاولات الحثيثة لضم الضلع السوري لطاولة القمة بعد غياب لسنوات، يبدو أن ثمة ضلع آخر ستفتقده القمة المقبلة وهو لبنان.
لماذا لبنان بدون رئيس كل هذه الأيام؟ ما الذي يجعل انتخاب الرئيس مسألة صعبة؟ وما الدور الذي تلعبه القاهرة والرياض؟ كل هذا وأكثر نقدّمه في التقرير التالي :
انزلق لبنان إلى أزمة حكومية غير مسبوقة مع عدم وجود رئيس للبلاد، وفي ظل حكومة تصريف أعمال محدودة السلطات وبرلمان منقسم بشدة.
وفي الوقت الذي يكابد فيه البلد انهيارًا ماليًا قياسيًا دفع معظم السكان إلى هوة الفقر، يعيش لبنان في ظل فراغ رئاسي.. ما يطرح تساؤلا هاما.. ما الذي يجعل انتخاب الرئيس مسألة صعبة؟
وللإجابة على هذا التساؤل سنتطرق للحديث عن السياسات الطائفية المنقسمة في لبنان، التي تعني أن انتخاب رئيس جديد للدولة أو تشكيل حكومة جديدة ليس بالأمر البسيط على الإطلاق.
فمجلس النواب ينتخب الرئيس في اقتراع سري من قبل النواب في البرلمان المؤلف من 128 عضوًا، حيث يتم تقسيم المقاعد بالتساوي بين الطوائف الإسلامية والمسيحية.
لكن الحد اللازم لتأمين النصاب القانوني والفوز يعني أنه لا يوجد فصيل أو تحالف لديه بمفرده مقاعد كافية لفرض خياره، مما يؤدي إلى مقايضة الأصوات بمزايا سياسية أخرى.
أما تشكيل الحكومة فهو مُعقد بنفس القدر، حيث تقسم الأحزاب حصصها من الوزارات على أساس النفوذ والطائفة وحجم الكتلة البرلمانية والمناصب المحتملة التي يمكن أن تشغلها في أماكن أخرى من الدولة.
إلى ذلك، تأمل الأوساط السياسية اللبنانية أن تنتج الإيجابيات الإقليمية المتسارعـة توافقًا لبنانيًّا على رئيس للجمهورية، ليمثل لبنان في القمة العربية التي ستستضيفها المملكة العربية السعودية في مايو المقبل.
ورغم أن النتائج ليست مضمونة بشكل كبير، إلا أن الحراك السياسي المتسارع على مستوى الداخل اللبناني أو على المستوى الإقليمي قد أخرج الملف الرئاسي من دوامة التسويف والمراوحة التي دامت لنحو 5 شهور يعيش فيها لبنان وأبواب القصر الجمهوري مغلقة.
وفي إطار التحركات الإقليمية، وصل وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد بن عبدالعزيز الخليفي، إلى بيروت في جولة استطلاعية خاطفة شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وعقد الخليفي خلوة مع ميقاتي تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين والوضع في لبنان والمنطقة، وخلال الاجتماع، عرض رئيس الحكومة اللبنانية الوضع الراهن في لبنان والجهود التي تبذلها الحكومة في معالجة الملفات الطارئة وفق ما يتيحه الدستور في مرحلة تصريف الأعمال.
واعتبر «ميقاتي»، أن مدخل الحل للأزمات التي يعاني منها لبنان يكمن في انتخاب رئيس جديد في أسرع وقت.
يشار إلى أن زيارة «الخليفي» تندرج ضمن إطار التحضير للقاء خماسي جديد بحضور الأطراف الفاعلة وهي: «مصر والسعودية وقطر وأمريكا وفرنسا»، على أن يعقد اللقاء في الرياض قبل القمة العربية، لحل عقدة الرئاسة اللبنانية.
فيما تتداول الأطراف الخمسة المعنية بالملف اللبناني مسألة تحويل اللقاء «الخماسي» إلى «سداسي»، من خلال ضم إيران إليه، إلا أن هذه المسألة ما زالت قيد التداول بين القاهرة والعواصم الأخرى المعنية.