«بحر الغاز العظيم» ثروة هائلة في قلب الأعماق استنفرت جهودا كبيرة وصدرت توجيهات رسمية بحسم الموقف وإنهاء العمليات المطلوبة مهما كانت التكاليف.
بعد التوصل إلى تقارير كشفية دقيقة بشأن كميات الغاز الدفينة في حقول البحر المتوسط، أصبح التنقيب عنها مصدرا من مصادر القوة في بلد تتجه إليه الأنظار كأحد مراكز الطاقة في المنطقة والعالم.
منذ اندلاع المواجهة بين روسيا وأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير الماضي تصدر ملف الطاقة والغاز اهتمام العديد من دول منطقة الشرق الأوسط التي بدأت تنظر أوروبا إليها كأحد مصادر الطاقة البديلة للغاز الروسي بعد أن أيقنت دول القارة أن احتياطي الغاز لديها سيكون «على المحك» قبل سطوة شتاء قارس.
قبل سنوات من المواجهة الروسية الأوكرانية وظهور أزمة الغاز في أوروبا، كانت الإدارة المصرية قد قررت حسم ملف ترسيم الحدود في البحر المتوسط وكان هدف القاهرة أن تباشر حقها في الاستفادة من ثرواتها ومواصلة عمليات التنقيب عن الغاز تحت غطاء قانوني.
تعاونت القاهرة مع قبرص واليونان بشأن حسم ذلك الملف، ورأت الإدارة المصرية أن التعاون بين الدول الثلاث في قضية استخراج الغاز من شرقي البحر المتوسط نموذج للتعاون الدولي والحفاظ على استقرار المنطقة.
وذهبت مصر إلى إبرام اتفاق على مشاريع غاز مشتركة للاستفادة من مصادر ضخمة للغاز في منطقة شرقي المتوسط وفق آليات تضمن مصالح جميع الأطراف، وأرست القاهرة مبدأ مفاده الحفاظ على الحقوق السياسية لجميع أطراف تلك الاتفاقيات.
مؤخرا دخلت خطط مصر بشأن ملف الغاز حيز التنفيذ؛ وأعلنت القاهرة طرح مزايدة عالمية للتنقيب عن النفط والغاز في اثنتي عشر منطقة بالمتوسط والدلتا، وجاء ذلك بعد إعلان من قيام مصر بحسم ملف ترسيم حدودها الغربية مع ليبيا.
ومن المقرر بموجب خطط وزارة البترول المصرية أن تشمل جهود التنقيب عن الغاز ستة مناطق برية وأخرى بحرية في سياق الوصول باحتياطي مصر من الغاز إلى معدلات داعمة للتصدير إلى الدول الأوروبية وغيرها من الدول المقرر أن تبرم صفقات للغاز من ناحية، بالإضافة إلى رفع احتياطي مصر من العملات الأجنبية من ناحية أخرى.
«تأتي جهود التنقيب عن الغاز في منطقة المتوسط استثماراً لما تمتلكه من احتمالات مهمة»، بذلك التصريح يشدد وزير البترول المصري طارق الملا على أهمية المنطقة مستخدما في ذلك تعبير «احتمالات مهمة» حيث توفر الدولة الإطار القانوني الكامل لإجراءات التنقيب اتساقا مع طبيعة تلك العمليات التي يصعب إخضاع نتائجها إلى تقارير مرتبطة بنتائج مباشرة فيما يتعلق بضوابط المشروعات الأخرى التي يمكن ربطها بالجهات الرقابية؛ لأن أي مشروعات غير التنقيب يتم ربطها بشكل مباشر بالنتائج المدروسة بينما يتطلب التنقيب عن الغاز والبترول ضوابط قانونية مرنة لأن العثور على الاكتشافات حينئذ يكون خاضعا لنظرية الاحتمالات.
تباشر مصر حقها وتستعيد ثمار جهودها بشأن ترسيم الحدود مع دول البحر المتوسط حيث أكدت قيادتها في إحدى الفعاليات أنها بحسم ذلك الملف تكون قد «أحرزت هدفين».