ييدو أن المخطط الروسى لإثارة القلاقل فى الدول الأوروبية، بفعل أسعار الطاقة يسير على بنجاح، فى لندن وباريس وعدد من العواصم الأخرى، فماذا فعل بوتين؟
العدو فى الداخل.. كلمات تٌعد ملخص ما تعانيه القارة العجوز، بعد أشهر من بداية الأحداث فى أوكرانيا، حيث نجح المخطط الروسى فى إشعال الوضع الداخلى للدول الأوروبية بسبب فواتير الغاز وارتفاع معدل التضخم وضعف القيمة الشرائية.
ففى فرنسا، لا مكان لكلمة الدولة ولا قرارتها، تشتغل الاضرابات فى العاصمة باريس، منذ نهاية شهر سبتمبر الماضى حيث يواصل عمال شركة “توتال إينرجي” إضرابهم، ما تسبب بانخفاض إمدادات الوقود، وسط توتر يتنامى في ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو في ظل تضخم مرتفع.
وتسبب الإضراب فى تعطيل عملية توزيع الوقود لاسيما فى مناطق الشمال والوسط وباريس، وتشهد 30 بالمئة من محطات الخدمة في فرنسا اضطرابات، وغالبا ما تكون هناك طوابير لا نهاية لها لسائقي السيارات.
كما نظمت النقابات العمالية في القطاع العام كالنقل والكهرباء والوظائف الحكومية والمدارس والجامعات والصحة إضرابًا شاملًا مما أصاب العاصمة باريس بالشلل التام.
ولا تزال الحكومة الفرنسية تبذل قصارى جهدها من أجل حل أسباب الاضرابات التى شملت قطاعات عديدة فى الدولة الفرنسية إلا أن الاتحاد العام للعمل صوت مساء الثلاثاء على تمديد التحرك بتأييد واسع.
وصرح إيريك سيليني المنسق الوطني للاتحاد العام للعمل في المصافي أن حركة الإضراب بدعوة من النقابة نفسها ما زالت مستمرة في مواقع “توتال إينيرجيز”.
وقال سيليني: “بالإضافة إلى عمال المصافي والموظفين البالغ عددهم 14 ألفا في توتال إينيرجيز، نحمل أيضًا صوت الذين يعانون من واقع عدم مواكبة الأجور للتضخم والذين يرون الشتاء قادمًا مع توقعات بارتفاع أسعار الطاقة أو الغذاء”.
لتضع النقابات الحكومة الفرنسية فى مأزق فى توفير حلول لإنهاء الأزمة المشتعلة منذ نهاية سبتمبر الماضى.
وفى بريطانيا، تتلقى حكومة ليز تراس صفعات متتالية بعد حوالى 6 أسابيع من توليها منصبها، من حزبها قبل أحزاب المعارضة، وكان آخرها استقالة وزيرة الداخلية سويلا برافرمان بعد إقالة وزير المالية.
وكشفت الإحصاءات الرسمية، ارتفاع التضخم في بريطانيا إلى 10.1% في سبتمبر، ليعود إلى أعلى مستوى خلال 40 عاما، والذي سجل للمرة الأولى في يوليو، حيث مثل ارتفاع أسعار الأغذية ضغطا على ميزانيات الأسر.
قبل أقل من شهر، أعلنت الحكومة عن حزمة تخفيضات ضريبية غير ممولة، وتحديدا في 23 سبتمبر، أدت إلى اضطرابات في الأسواق المالية، وتراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني، مما اضطر “تراس” لإقالة وزير المالية بعد 38 يوما فقط من تعيينه.
وتلقت تراس هجوما شرسا من أحزاب المعارضة الرافضة لاستمرارها بسبب خطتها الاقتصادية، وذلك في جلسة استجواب قاسية في مجلس العموم.
واجه رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس التي تراجعت شعبيتها أكثر من أي وقت مضى، الأربعاء النواب للمرة الأولى منذ التراجع المذل عن برنامجها الاقتصادي ما يشكل اختبارا لهذه المسؤولة المحافظة التي تريد الاحتفاظ بمنصبها مهما كلف الأمر.
ولم تكن العاصمة لندن أسعد حظًا من باريس إذ تظاهر الآلاف في وسط لندن احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة في بريطانيا.
الغضب الشعبى والقلاقل السياسية، فى فرنسا وبريطانيا، جراء ارتفاع فواتير الطاقة، وارتفاع مستوى التضخم نتيجة أساسية لأزمة الطاقة بعد توقف الغاز الروسى الذى تعتمد عليه أوروبا لتغطية 40% من احتياجاتها، وهو ما يعد نجاح لخطة روسيا فى إشعال نار ثورات شعبية فى استراتيجية قوية لإفشال العقوبات الاقتصادية الغربية عليها وإجبار دول الناتو على التراجع. فهل تتفكك الدول الأوروبية بفعل الخطة الروسية؟