يحل عام ألفين وثلاثة وعشرين والعالم ينتظر طي صفحة أزمة أربكت أسواق الحبوب والغذاء والطاقة على مستوى الدول كافة. ولم يعد لتلك المواجهة نهاية إلا بقرار واحد لكن ذلك القرار يظل تنفيذه مرهونا بمرونة يراها مراقبون شرطا حتميا يجب أن يتوفر لدى الأطراف كافة.
عشرة أشهر كاملة مضت على بدء المواجهة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا التي لا زال العالم يتألم من تداعياتها السلبية التي ألقت بظلالها على معادلة القوة الدولية في إجواء تموج بالإضطرابات.
روسياً.. لم تكن موسكو تخطط لمواجهة شاملة ولا زالت تطلق على تحركها العسكري ضد أوكرانيا «عملية عسكرية»، لكن أيا كانت المسميات بالهدف واحد وهو ضمان حماية الأمن القومي الروسي من أي تواجد لقوات حلف شمال الأطلسي الناتو على أرض دول الجوار.
طال أمد الحرب وأصبحت روسيا الأشد تأثرا بها سواء فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة عليها أو بتزايد مستوى الإنفاق العسكري الذي يبرره الرئيس الروسي بأنه سيكون تدريجيا وفق إجراءات تطوير الجيش الروسي.
في الرابع والعشرين من فبراير الماضي أنفذ القيصر وعيده وبعد ثلاثمائة يوم من مواجهة أصبح طرفاها بحاجة إلى مراجعة مواقفهما وإبداء مرونة أكثر بشأن مقاربة سياسية حتمية تضمن لهما تحييد مخاطر الصراع المؤلم ..
بدت روسيا تحركات دبلوماسية متتالية على أمل دخول طرف محايد بحيث تتزامن معادلة القوة المفروضة على الأرض مع تحركات متساوية بهدف التمهيد إلى آلية سياسية تؤدي إلى مباحثات ولو على مستوى وزراء الخارجية لمناقشة تحييد مخاطر الحرب
اجتمع الرئيس بوتين بوزير خارجيته سيرجي لافروف وذلك بعد وضع خطة تقدير موقف أعقبت صفقة المقذوفات التي من المقرر أن تتسلمها أوكرانيا من الولايات المتحدة الأمريكية بعد تدريب الجيش الأوكراني على استخدامها وهو التحرك الذي تحفظت عليه موسكو فيما عاود واشنطن التاكيد بانه لن ترسل خبراء عسكريين الى أوكرانيا
ارتكزت الرؤية الروسية على دخول طرف محايد لطرح رؤية موسكو على أطراف النزاع بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبرها موسكو مديرا للمواجهة بالوكالة التي تصدرتها أوكرانيا
على الفور استعادت موسكو الدعوة السعودية التي أطلقتها الرياض بشكل حيادي بهدف العمل على إنهاء الأزمة وكانت تعليمات بوتين لعميد الدبلوماسية الروسية بضرورة استثمار العلاقة مع الجانب السعودي في سياق تحالف أوبك بلس
نسقت موسكو مع المملكة العربية السعودية وأجرى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اتصالا بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اتفق الجانبان خلاله على أهمية الدور السعودي بشأن الأزمة.
خرج الإعلام السعودي بعد ذلك بتقرير مفاده أن المملكة تدير تحركات حيادية لحسم الازمة الروسية الاوكرانية.. فيما يحدو العالم كله أمل بالوصول الى السلام.