قال الشيخ عويضة عثمان ، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، عن أفعال في رمضان تجعل الله لا يلتفت لصيامك ولا يقبله ، إنه فيما رواه البخاري عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسوُلُ اللهَ – صلى الله عليه وسلم -: « مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ في أن يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ » ، منوهًا بأنه عندما نسمع هذا الكلام من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجب أن نفزع ونخاف على عبادة تعب فيها الإنسان وبذل فيها جهدًا كبيرًا وهي الصيام ، أن تنقض وترد في وجهه يوم القيامة .
و أوضح «عثمان» في شرحه للحديث الشريف ، أن معنى (الزور) : الكذب والميل عن الحق والعمل بالباطل والتهمة، و (العمل به) :العمل بمقتضاه مما نهى الله عنه، والمقصود بقوله (فليس لله حاجة): أي أن الله تعالى لا يلتفت إلى صيامه ولا يقبله.
و أضاف في شرح الحديث ، أنه يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: « من لم يدع قول الزور والعمل به » أي من لم يترك القول الباطل والكلام المحرّم أثناء صومه من الكذب وشهادة الزور، والغيبة والنميمة والقذف والشتيمة ” والعمل به ” أي ولم يترك الأعمال الباطلة من الظلم والغش والخيانة وأكل الربا وغيرها.
وتابع : ” فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه “، أي فإن صيامه لا يكون مرضيًا عنه، ولا يقبل قبولًا كاملًا، ولا يثاب عليه ثواب الصائمين الذين يوفَّون أجرهم بغير حساب، وإن كان الصوم في حد ذاته صحيحًا مسقطًا للفرض الذي عليه، منوهًا بأن قوله: ” وليس لله حاجة ..” مجاز يراد به عَدمُ القبول الكامل من إطلاق السبب وإرادة المُسَبِّبِ.
و نبه إلى أنه قال ابن المنير: هو كناية عن عدم قبول الصوم، كما يقول الغضبان لمن رد عليه شيئًا طلبه منه فلم يقم به: لا حاجة في به، دل هذا الحديث على ما يأتي: أولًا: تحذير الصائم من الأقوال الباطلة والأفعال المحرمة، لأنّها تسخط الله وتنقص من ثواب الصوم فلا يجازى الصائم على صومه بغير حساب، إلاّ إذا صام عن المحرمات، أما إذا اقترفها فإنه لا يستفيد منه إلا إسقاط الفرض فقط.
وأشارإلى أنه ثانيًا: أنه ليس الغرض من الصيام الحرمان من الطعام والشراب، بل ما يترتب عليه من تهذيب النفس، وتقويم السلوك الإِنساني، قال البيضاوي في قوله – صلى الله عليه وسلم -: ” فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ” أي ليس المقصود من شرعية الصيام نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات، وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر قبول، وما يستفاد من الحديث : أولها تحذير الصائم من الأقوال الباطلة والأفعال المحرمة، وثانيها: ليس الغرض من الصيام الحرمان من الطعام والشراب، بل ما يترتب عليه من تهذيب النفس.
كما أوصى من كان صائما فليحفظ رأسه وعينه من النظر إلى المحرمات وبطنه من أكل الحرام ، حتى ولو وقع في المعصية وأدى الفريضة فقد أضاع ثوابا كثيرا مما حصل عليه ، لأنه لم يعظم أو يقدر حجم الفريضة، فهذه المعاصي لو بعيدة عن المفطرات فهي تنقص من أجر الصائم ولكن صومه صحيح .
ورد أنه صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:«الصِّيَام والقرآن يَشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصِّيام: أي ربِّ مَنَعْتُه الطعام والشهوة فشفّعْني فيه، ويقول القرآن منعته النّوم بالليل فشفّعْنِي فيه فيشفعان»، فما أعظمه من شهر اغْدَوْدَقَت فيه أصول الِمنَن، واخْضَوْضَرَت فيه قلوب النازعين إلى أزكى سَنَن “.
و ورد أنه ينبغي التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان يخصه من الأعمال الصالحة ما لا يخص به غيره، ومن هذه أعمال النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان ؛ الذكر، والاستغفار، وتلاوة القرآن، والصدقة، والإحسان، وهنا يذَكِّر بفضل الصدقة على المحتاجين والمعسرين.