أزمة غذائية تضرب ليبيا في كل شبر فيها، لم تسلم منها المحال الغذائية العادية ولا المطاعم ذات الأسماء الرنانة ولا حتى المستشفيات الحكومية.
وتتطور الأزمة بسرعة فائقة لدرجة أنها وصلت في بعض الأماكن إلى عدم توفر الغذاء أصلا سواء كان صالحا للأكل أم لا.
فيا ترى ما هي أسباب تلك الأزمة الغذائية الطاحنة؟ وماهي الحلول المقترحة للتغلب عليها في أقرب وقت ممكن؟
ملف الأمن الغذائي الليبي يفتح من جديد، مع تكرار تسرب مواد استهلاكية منتهية الصلاحية من الحدود المفتوحة على مصراعيها.
فصمام الأمان لصحة مواطني ليبيا صار في خطر محدق، هشاشة الرقابة على الغذاء والدواء ترك المواطنين في صدمة مفاجأة.
بالإضافة إلى تقارير للأمم المتحدة تشير إلى أن نحو ثلث الليبيين، لا يحصلون على الغذاء الكافي لهم.
كما قدر عدد الليبيين المحتاجين للمساعدة بنحو مليون و300 ألف شخص، 699 ألفاً منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي مطلقا. فما هو سبب تلك الأزمة الطاحنة؟
أسباب الأزمة
في البداية سنجد أصابع الاتهام تشير إلى أزمة النزاع الأوكراني، فهي ما تسبب بالنقص الحاد في القمح المستورد إلى ليبيا، كما أنها السبب الرئيسي في فجوة الأمن الغذائي لدى الأسر في ليبيا.
فليبيا كانت تستورد من روسيا وأوكرانيا 650 ألف طن من القمح سنوياً، أي نصف حاجاتها فعليا من القمح، لكن مع التعمق أكثر فأكثر سنجد أن الأمر متشعب إلى حد كبير، فالمشكلة الصحية التي تهدد أمن ليبيا الغذائي يرجعها البعض لضعف الرقابة على المواد الاستهلاكية.
وأنه يمكن تجاوزها ببساطة بتعزيز الإجراءات الرقابية، خصوصا وأن الأزمة الأوكرانية طويلة الأمد ولا يمكن على ليبيا الاعتماد عيلها في سياساتها الغذائية القادمة.
البحث عن أسواق بديلة
وبناء على ذلك فقد أعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة قرارات تسعى لتخفيف تداعيات الأزمة على اقتصاد البلاد، كالبحث عن أسواق بديلة للاستيراد واستغلال مناطق الجنوب في الزراعة، وبالأخص زراعة القمح، فالدولة بأكملها لا تنتج سوى ما يكفي 5% فقط من سكانها.
أزمة ليبيا مستعصية على الحل
لكن يشير خبراء إلى أن أزمة ليبيا عميقة إلى حد لا يمكن تصوره، وترجع في أساسها لجغرافية البلاد نفسها، فأسباب عدم توازن الأمن الغذائي بليبيا يرجع إلى أن معظم أراضي البلاد صحراوية، وأن الأراضي الزراعية فيها لا تتجاوز ما نسبته 8% فقط من مجمل مساحة الأراضي.
والمثال الصارخ على ذلك مشروع الكفرة، والذي تضمن مزارع كبيرة كان الهدف منه توفير كامل حاجات ليبيا من اللحوم الحمراء.
لكن اتضح في النهاية أنه مشروع غير عملي، لصعوبة التوريد لمناطق الشمال بسبب طول المسافة مع رداءة طرق المواصلات.
والمشاريع المشابهة لمشروع الكفرة كثيرة، وبالتالي فإن الوضع الغذائي في ليبيا شديد الهشاشة ولا يتحمل أي أزمات خارجية، لا سيما أن المنظومة الغذائية ضعيفة للغاية ولأن البلاد لا تملك رقعة زراعية تقريبا.
وفي النهاية، فإن يؤكد الخبراء الاقتصاديين أن حل الأزمة الغذائية في ليبيا لن يأتي إلا من داخلها، وأن الاعتماد على الأوضاع الاقتصادية العالمية في حل الأزمة لن يجدي نفعا بأي حال من الأحوال.