أثارت تجربة “كوريا الشمالية” الصاروخية الأخيرة، قلقًا كبيرًا لدى: “اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة”، بشكلٍ فاق معظم تجاربها السابقة، فما هو المختلف في صاروخ “كوريا الشمالية” الأخير؛ (هواسونغ -12)؛ الذي أطلق خلال التجربة ؟.. وهل يكون تمهيدًا لما هو أخطر ؟ وهل يستطيع خصوم “بيونغ يانغ” إسقاط هذه الصواريخ؟
يتأجج الوضع فى شبه الجزيرة الكورية، يوما بعد الآخر، فى ظل إجراء كوريا الشمالية، لتجارب صاروخية متلاحقة، وسط مخاوف من الانزلاق إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق.
وبحسب تحليل فى مجلة “ناشونال إنتريست”، فإن التجربة النووية المقبلة لكوريا الشمالية فيها ما يدعو إلى القلق، بينما يئن العالم بالفعل تحت وطأة الحرب الدائرة فى أوكرانيا.
وأجرت كوريا الشمالية تجربة لصاروخ بعيد المدى حلق فوق أراضى اليابان، بينما يتوقع خبراء أن تجرى البلاد الشيوعية المعزولة تجربتها النووية السابعة عما قريب.
وفى حال أقدمت بيونغيانغ على هذه الخطوة، فإن ذلك سيكون جزءا من حملة عسكرية متواصلة لكوريا الشمالية منذ ستة أشهر، حيث شهدت عشرات التجارب الصاروخية.
وجرت هذه التجارب الصاروخية، بينما اشتدت لهجة كوريا الشمالية “المتشنجة” تجاه الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
لماذا يقلق أعداء “كوريا الشمالية” من هذه التجربة ؟
عادة ما تُطلق “كوريا الشمالية” صواريخها على المياه قبالة سواحل شبه الجزيرة الكورية، ما يجعل هذه الرحلة فوق “اليابان” أكثر استفزازية، لأسباب عملية ورمزية.
ولكن في الأغلب تُجرى العديد من تجارب الصواريخ في “كوريا الشمالية” على مسار طيران مرتفع، وبالتالي تتجنب مسار الرحلات الجوية في أجواء جيرانها، ولكن التجربة هذه المرة تبدو أكثر خطورة، لأنها تُجرى على مسار منخفض.
وقد يُشكل هذا النوع من التجارب غير المُعلن عنها مسبقًا مخاطر على الطائرات والسفن، لأنه لا يكون لديهم تحذير مسبق لتجنب المنطقة.
وإذا فشل الاختبار، فقد يعرض مناطق سكنية رئيسة للخطر. وحلق صاروخ “كوريا الشمالية” الأخير، فوق منطقة “توهوكو” اليابانية، التي يقطنها أكثر من: 08 ملايين شخص، وفقًا لإدعاءات رئيس الوزراء الياباني؛ “هيروكازو ماتسونو”؛ بحسب مزاعم التقرير البريطاني.
وسبق أن تم إيقاف الطائرات الأميركية كإجراء احترازي بعد إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية. وفي أواخر نوفمبر 2017، ورد أن العديد من طياري الطائرات التجارية شاهدوا ما يبدو أنه صاروخ كوري شمالي عند اقترابه من “بحر اليابان”.
ويبدو أن كوريا الشمالية صارت قوة نووية بالفعل منذ فترة، لكن ثمة خمسة أسباب تدفع لأخذ هذا التطور الأخير على محمل الجد من قبل الولايات المتحدة وحليفتها سيول.
فكوريا الشمالية تستخدم الأسلحة النووية بمثابة حصن رادع، حتى تتصرف كما يحلو لها وتقوم بأعمال مألوفة لدى “الدول المارقة” مثل الإرهاب.
كما أن تقدم القدرات النووية لكوريا الشمالية يعنى تعزيز نفوذ الزعيم كيم جونغ أون، وتشديد قبضته على السلطة، بينما يتصرف حاليا دون محاسبة ولا مساءلة.
أيضا التجارب الصاروخية والنووية تؤدى دورا ماديا أيضا، لأنها بمثابة “مورد تكنلوجى” يدر المال عن طريق بيع التقنيات إلى دول مثل إيران تسعى إلى تطوير منظوماتها الباليستية.
و ما دامت كوريا الشمالية تصدر هذه التهديدات النووية، فإن الولايات المتحدة تظل غير قادرة على تسخير كل الانتباه والمقدرات لأجل حماية تايوان من تدخل عسكرى صينى محتمل.
وتأتى العودة إلى هذه الأجواء المشحونة، فيما كانت إدارة الرئيس الأميركى السابق، دونالد ترامب، تراهن على نهج الديبلوماسية لأجل تسوية أزمة شبه الجزيرة الكورية بشكل نهائى.
وأجرى ترامب قمتين مع الزعيم كيم جونغ أون، أولاهما فى سنغافورة فى يونيو 2018، ثم ثانية فى هانوى بفيتنام فى فبراير 2019، كما التقى الزعيمان أيضا مرة ثالثة بشكل خاطف فى المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين.
لكن قمتى سنغافورة وهانوى، لم تنجحا إلى جانب اللقاء العابر، فى الدفع نحو الحل، وذلك بسبب عدم اتفاق البلدين، حول صيغة زمنية لنزع النووى ورفع العقوبات المفروضة على بيونغيانغ.
وعقب الإخفاق، قيل إن كوريا الشمالية كانت تطلب من واشنطن رفع العقوبات الشديدة، قبل أن تقوم بتنازلات، لكن الولايات المتحدة كانت ترفض هذا الأمر.
وقوبلت جهود ترامب بانتقادات فى الولايات المتحدة، لا سيما من معسكر الدمقراطيين الذين آخذوه على القيام بـ”خطوات تصالحية” حيال نظام يقولون إنه ضالع فى انتهاكات حقوقية جسيمة.
لكن ترامب دافع عن تقاربه مع كيم، فى عدد من المقابلات الصحفية، ذاهبا إلى حد وصفه بالصديق، قائلا إنه تمكن من تهدئة الوضع وكبح تجارب بيونغيانغ، فيما كان الرئيس السابق، باراك أوباما، ينظر إلى الملف الكورى كواحد من أكبر مصادر القلق.
وعند مجيء بايدن إلى البيت الأبيض، كان متوقعا أن يتغير نهج التعامل مع كوريا الشمالية، فتراجعت برقيات الود بين واشنطن وبيونغيانغ، وعلا صوت الوعيد من الجانبين.
لكن يقول الخبراء إن الكشف عن الصواريخ الجديدة كان بمثابة رسالة إلى إدارة “بايدن”؛ بشأن القوة العسكرية المتزايدة لـ”كوريا الشمالية”.. فما الذي ستفعله إدارة بايدن إذا بلغت التجربة الكورية الشمالية الجديدة أهدافها.. وهل يمكن أن تحرك واشنطن قطعها البحرية العسكرية لأقرب نقطة من كوريا الشمالية أم تظل حرب التصريحات دون أي تحرك غربي واضح على الأرض؟ هذا ما سنعرفه خلال الأيام المقبلة.